الفصل التاسع والعشرون
دور القراء فى القاهرة
فى القاهرة سبعون وثلاثمائة دار للقرّاء. وفى معظم الجوامع كان سلاطين السلف يعينون أئمة وخطباء ومؤذنين لقراءة أجزاء من القرآن الكريم كما كانوا يعينون فى كل جامع شيخا للقراء. كما أن كبار الأعيان فى مناطق أخرى أقاموا أضرحة خاصة بهم إلى جانب دار القراء.
ويوصى جميع مشايخ القرآن تلاميذهم بقراءة هذه الأبيات من كتاب الجزرى :
والأخذ بالتجويد حتم لازم |
|
من لم يجود القرآن آثم |
وبعد أن يعرفوا أصول نطق حروف التجويد يختمون قولهم بهذا البيت :
إذا واجب عليهم محتم |
|
قبل الشروع أولا أن يعلم |
وبعد أن ينتهوا من حفظ اجلزرى وابن كثير يسجلون جميع المآخذ طبقا لما ورد فى كتاب الجزرية والشاطبية ، ثم يكملون علمهم بقراءة ابن كثير ثم القراءات السبعة ثم القراءات العشرة وأخيرا القراءات التقريبية.
وبعض الأئمة فى القاهرة يقرأون القرآن فى المساجد على سبع عشرة رواية حسب ما يقتضيه الناس. وغالبا ما يقبل الناس القراءة على رواية قالون وأبى عمرو.
أما الترك فيقبلون رواية حفص. وهذه القراءات منعت فى خلافة عمر ـ رضى الله عنه ـ وبعده قامت ابنته حفصة بجمع القرآن هى وعثمان. ولأن هذه القراءة مأخوذة عن رواية حفصة سميت باسمها. وعلاوة على قراءة حفصة فى بلاد الترك هناك قراءات ابن كثير والقراءات السبع ، ولكنها لم تشتهر. إلا أن شيخنا أوليا افندى مضى إلى اسطنبول وفى معيته سيدى الشيخ أحمد وعكف جميع علماء الترك على علوم الحفظ فشاع علم القراءة. وتوفى الشيخ أحمد وأصبح أوليا افندى شيخ القراء ، واشتهرت قراءات ابن كثير والقراءات السبع والقراءات العشر والقراءات التقريبية.
أما فى سائر البلاد لا يستطيعون نطق الحروف كما ينطقها الترك ، إن الترك قوم راشدون نجباء وهم يعنون عناية خاصة بمخارج الحروف بمقتضى هذين البيتين :