الجامع معلق فإن أرضه يابسة وجدرانه الأربعة من الرخام المجلو ، وفيه يبدو وجوه الساجدين فى ركوعهم وسجودهم. وبما أن أوقافه كثيرة فخدامه كثير ، وهم على الدوام ينظفون الجامع. ويتوسط حرمه حوض عظيم تعلوه قبة عالية مرفوعة على ثمانية أعمدة بديعة من الرخام ، وشادرواناتها دائمة الجريان ومنها يجدد المصلون وضوءهم.
وللجامع منارتان وعلى جانبى بابه الحديدى منارتان عاليتان ذات ثلاث طبقات ولكن كل منهما قريبة من الأخرى وغاية فى دقة البناء ، وثمة منارة أخرى فى الركن الواقع على يسرة المحراب. والمحراب غاية فى الجمال ومنبره من الخشب المزخرف. كما توجد مقصورة هى مقر المؤذنين مبنية على ثمانية أعمدة رقيقة بديعة. وله سبعون نافذة لها قفص نحاسى ولها مائة وعشرون لوحا من زجاج.
وخلاصة القول أنه جامع يشرح قلب من يشاهده ، وفيه من الثريات ما لا وجود لمثلها فى جامع سواء. وفى محرابه فانوس من النحاس الأصفر. وللجامع ألفا قنديل وكأنه مصباح منير. وهذا الجامع ركين البنيان كالقلعة.
وفى عام ١٠٧٢ حينما كان عمر باشا واليا على مصر أعلن مماليكه العصيان فتحصنوا فى هذا الجامع ، ودام القتال بينه وبينهم ثلاثة أيام بلياليها. وقد حاول استمالتهم فأصدر عفوه عنهم وأمّنهم. إلا أنهم استمروا فى تمردهم عليه واستأنفوا القتال وأغاروا على أرجاء المدينة هنا وهناك ؛ فأخرج عمر باشا العلم النبوى المبارك وجعل المنادين ينادون فى المدينة يرددون أنه ليأت من يدينون للسلطان تحت هذا العلم ، وأن قتل هؤلاء العصاة حلال ، وأموالهم كذلك غنيمة للسلطان. ثم تمنطق عمر باشا بسيف الفاروق عمر وأحضر ما يقرب من خمسة مدافع من طراز «بال يمز» وأقام الحواجز عند حمام الصوباشى ونشب القتال من نوافذ وأسطح المنازل ، وأطلق عمر باشا عدة قذائف فأصابت بعضها جامع المؤيد ؛ فألقت الرعب فى صدور العصاة فتبدلوا من قرارهم بفرارهم ، وتتبعوهم من شارع إلى شارع وأعملوا فيهم السّيف. وبحسن تدبير عمر باشا دخل القلعة مظفرا منصورا ووجد فلولهم فقتلهم.