وحينما عرض الباشا الوالى هذا الأمر على الحاضرين فى المجلس طالبا آراءهم فيه ، أفادوا بما يأتى : إنه حسبما هو مقيد فى السجلات ، بيبلغ مجموع ما ورد إلى الديوان المصرى من المال مبلغا قدره ٣٩٨١ كيسا و ٢٤٨٤٤ بارة فى العام ، وأن المصاريف السنوية حسب ما ورد فى دفاتر الروزنامة وسائر الأقاليم ، ومع ١٢٠٠ كيس من المال المعتاد إراسله إلى الآستانة يبلغ ٣٩٨١ كيسا و ٢٤٨٤٤ بارة ، وعلى هذا يصير الإيراد السنوى معادلات للمصاريف السنوية.
وبعد اعتراف المذكورين وإقرارهم واقترانه بالأمر الهمايونى الكريم ، واتخاذ الدفاتر المذكورة دستورا للعمل ، بادر الدفتردار وسائر الموظفين إلى التعهد بأداء ما وقع من العجز والنقص من أموال الخزينة العامرة ، وسائر الإيرادات والمصروفات في عهد القائمقامية ، وقام الوزير المكرم الذى صار مظهرا لنص الآية الكريمة (قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم) بامتثال الأمر السلطانى وإطاعة ظل الله فى أرضه حسب قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)). وبما أنك أيها الوزير عليم بأن طاعة أولى الأمر وامتثال أوامر من يتولى أمور الدين والدولة ، فرض وواجب ، وأن مخالفة ذلك مخالفة للشرع ، فعليك من الآن فصاعدا اجتناب التغيير والتبديل والتحريف والتأويل فى الأمور المذكورة ، وإياك وعدم الانصياع لقبول فحوى الآية الكريم (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، فى شأن صرف المرتبات والإنعامات الممنوحة من الأعتاب السلطانية السامية لفقراء الحرمين الشريفين والمشايخ الكبار ... أموال مصر المحروسة التى هى مطبخ زراق الألم ومنبع معايش بنى آدم مدى الدهور والأمان ، فإن تلك الرواتب والمخصصات صدقة لاتنقطع.
وبموجب الفرمان العالى والأمر السلطانى واتفاق آراء الوزير المكرم والأمراء الذين ورت أسماؤهم فى هذا الكتاب وسائر أمراء مصر المشهورين وأعيان الديوان وأغواته ، قد أودعت دفتر إيرادات الأقلام المصرية ومصر وفاتها مع هذا الكتاب برج الخزينة لكى تكون دستورا صالحا للعمل ، يرجع رليه لدى الحاجة ... (إلى أن قال باللغة العربية).