الفصل السابع عشر
قوانين ديوان مصر فى عهد السلطان سليم
فاتح مصر نادرة العصر
ديوان مصر هو دار
السلطان الغورى الواسعة التى تسع خمسة آلاف شخص وعلى جانبيه قمريات ويجلس فيه كتبة
الأقلام والمحاسبون مع الخليفة يفحصون الدفاتر. وفى وسط حجرة الديوان موضع مرصوف
بالرخام يجتمع فيه أصحاب الحاجات خمس مرات فى الأسبوع ويخرج عليهم الباشا وعلى
يمنته الدفتردار والبكوات ، وقد اختلفت هيئة عمائمهم ، وعلى يسرته يجلس رؤساء
الباهية والمطوعة والانكشارية والطوبجية وكذلك رئيس فرقة العزب ، ويطعمون ثلاثة
آلاف صحف ، إلا أن كتخدا الجاويشية ورئيس المتفرقة ورئيس الجبه جيه ورئيس
المعماريين والصوباشى وجاويشية العزب والانكشارية لا يجلسون على تلك المائدة
ويتناول أعضاء الديوان الطعام على حسب الأصول المرعية ، وترفع الصحون ويأتى الخدام
بالأباريق والقدور ويغسل الجميع أيديهم ويدعو القائم على الدعاء فى الديوان ،
وحينما يذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقفون مرتين إجلالا وتعظيما ، كما يقفون مرة إذا ذكر
السلطان العثمانى ، ثم يتفرق الناس بعد الدعاء ويبقى أصحاب الحاجات ويسأل كتخدا
الجاويشية فى صوت مرتفع : هل من شاك؟
فإذا وجد شاك بت
فى أمره وفصل فى خصومته ، ويمضى الباشا إلى حجرة الكرسى ويبقى كتخدا الباشا
والدفتردار ورئيس المتفرقة وكتخدا الجاويشية. وإذا ما وجدت قرى آلت إلى المال
الأميرى وهى خالية نادى الدلالون عليها بالمزاد وتباع ، وبعد ذلك يتسلم الدفتردار
والروزنامجى بقية المال الأميرى ، ويمضى الجاويشية هنا وهناك لتحصيل هذا المال.
أما العاجزون عن تحصيل المال من الملتزمين فيحضره الجاويشية إلى وسط الديوان حيث
يوجد مكان لشنقهم ، وفى هذا الموضع حبال غلاظ والملتزم المقصر تربط ذراعه فى بكرة
ويقوم أربعون أو خمسون جلادا قساة بتجريده من ثيابه ويضربونه بالسياط بعد أن يرفعوه
على عود بين الأعيان ، ويرتفع صراخ المسكين إلى عنان السماء ولا يستطيع أحد أن
يشفع له ؛ لأن من يقومون بالشفاعة يطلبون على ذلك رواتب أول كل شهر أو كل