من الأغوات وخيامهم ، وفى كل عام توزع عليهم الأقمشة والثياب والقمصان والنعال كما يتم كساء كعبة الله بالكسوة السوداء من وقف السيدة شجرة الدر قانونا مرعيا. لأن شجرة الدر وهى من ملوك السلف كانت تدفع مرتبا سنويا لأغوات الخارج وأغوات الداخل التابعين لها ؛ وقد أحصى السلطان سليم أوقاف شجرة الدر هذه وقال : إن شجرة الدر وهى امرأة كست الكعبة بالحرير الأسود ، وقد أصبحت الآن سلطان مكة والمدينة وعلىّ أن أكسو الكعبة الشريفة من أعلاها إلى أسفلها بالديباج والقماش المزركش وبالذهب واللؤلؤ إلا أن علماء مصر جميعا وشيوخ المذاهب الأربعة والشيخ أبو السعود الجارحى لم يقروه على ذلك فيما سلف ذكره ، وقالوا إن كسوة شجرة الدر لم يتيسر لأحد غيرها ، إلا أن الله قدّرها على ذلك ، والآن هذا الوقف وقفها ، وشرط الواقف كنص الشارع». فغبطها سليم على ذلك وقال : مضت المرأة ، فما أعظم ما عملت من خير لم يتيسر لغيرها من الملوك.
وماذا يمكننا أن نصنع نحن فى مكة والمدينة ، فقام بعمل كسوة باب الكعبة الشريفة بالحرير الأخضر. ومزركشة بالذهب ، وجدّد بناء مقام إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وجعل الصندوق الشريف مكسوا بالذهب وستارة باب منبر الحرم الشريف مزركشة بالذهب وعمّر ورمم الحرم الشريف. أما البيت الذى ولدته فيه السيدة أمينه ـ رضى الله عنها ـ فقد جددت قبته وكسيت بالرصاص. وبنى فى مكة مائة أثر للسلطان وتليت الخطبة لسليم أول ما تليت لآل عثمان فيها ، وجعل على قبره الشريف صلىاللهعليهوسلم من الجواهر ما يبهر العيون ووزّع الصدقات فى المدينة بلا حساب وجعل كمال باشازاده قاضى مصر يقوم بمسح ألف قرية وقصبة وبلدة فى مصر. والحاصل أنه أمره بأن يسجل كل ما يطير فى الجو من طائر وما يدب على الأرض من دابة وما يسبح فى البحر من سمكة ، ووزع المقاطعات على الملتزمين والأمناء. ووقف كل ذلك على الحرمين الشريفين. ودونت جميع قرى ولاية مصر وعددها () (١) قرية ، وهى منقسمة أربعة أقسام. والقسم الأول () (٢) قرية وهى جميعا من أوقاف ملوك السلف ، وقدر الوقف
__________________
(١ ، ٢) بياض فى الأصل.