عجيبة وهذا ما أوقعه فى الحيرة والعجب وبينما كنا نتشاور فى هذا مع رفيقنا نمنا كما نام أصحاب الكهف وبعد مدة من الزمن رأينا سلطاننا يحمل السيف ويصيح ورأينا من يطرح نفسه فى اليمّ ويغيب عن النظر. هو ذا ما قد وقع. وإن الأمر لمولانا السلطان ، وعنذئذ قال سليم : هذا ما رأيته فى المنام مع الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وقال لىّ : لقد نبهت خدامك إلى أن يستريحوا فى طمأنينة فلا تغضب منهم ، وخذ حذرك ولكن لا تخف لن يلحق بك من ذلك ضرر ، وقال لى : انهض ، فاستيقظت فرأيت رجلا أمامى وقد طرح سيفه بالقرب من قمة رأسى. فأخبرت الناس بذلك وكان الجميع نياما.
وقال : إن رؤياكم هى الواقع ولقد أطلقت سراحكم وعفوت عن الخدام الملحقين بحجرتى. وأجزل سليم لهم العطاء وجعلهم أمراء على مصر ، ومنح كلا منهم قصرا شامخا وكثرة من الجوارى.
ثم مضى سليم إلى القصر ثانية وجعل المنادين ينادون قائلين : فليأت من قدم تلك الليلة لقتلى فى قصر أم القياس له منى أمان وعهد آل عثمان ، فليحضر دون أن يخاف وله منى الأمان.
وعندما كان المنادون ينادون بذلك قدم بطل شركسى صنديد يسمى كرتباى وقال : السلام عليك يا سليم ، وكان رابط الجأش ، فقال سليم : أأنت من قدم تلك الليلة ليقتلنى؟ فقال : نعم أنا هو. فقال سليم : لماذا فعلت هذا؟ فقال كرتباى لماذا لا أفعل ذلك لقد جئت غازيا بلادنا ، واستوليت على أهلى وعيالى ، وأهلكت ما أهلكت من عباد الله ، واستشهد فى الحروب معك سبعة من أبنائى واستوليت على كل ما أملك وفرقت بينى وبين أقرانى الشجعان وأولياء نعمتى مثل طومان باى حافظ كلام الله المجيد التقى الشجاع. فقلت ينبغى أن أقتل سليما هذا وطلبت الإذن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن متاع الدنيا متاع الغرور ، ورضاء الله خير وأبقى ، لقد نزع الملك من الشراكسة وآل الملك إلى آل عثمان فلا تؤذه ..
وفى هذه الليلة قلت يا رسول الله لم يقر لى قرار فلأنتقم من سليم ولذلك مضيت إليك فى تلك الليلة لأقتلك. فقال صلىاللهعليهوسلم : «إذا ما ذهبت فسوف أوقظ سليما».