عظيم من الجند والعدة والعتاد ، وبلغ نبأ ذلك السلطان سليم فسر سرورا ما بعده سرور ؛ فدعا الله بالخير لبيرى باشا الذى فوض إليه النظر فى أمور الدولة بالأستانة ووصل الخبر من أحد رؤساء بوابى الباب العالى إلى الربان مصطفى بلاق باشا. ولما وصلت الأوامر إليه بألا يفارق ساحل البحر هذا فقام من طرسوس وبلغ ميناء الإسكندرونة ، وهناك ألقى مرساة سفائنه. كما تحرك سليم من أدرنه على رأس جيش يتألف من ثمانين ألف جندى من خيرة الجند ، ودخل حدود مصر ، ذلك أن أدنه كانت فى ذلك العصر حدود مصر ، وغادرها إلى سهل مرج دابق بالقرب من موضع يسمى كلس وهناك أقام. فقدم عليه درويش وقال له : إذا شئت لنفسك أن تكون شجاعا مظفرا فاعلم أن داود بأمر الله حارب جالوت فى سهل مرج دابق هذا ، وفى الموضع الذى انهزم فيه جالوت ضريح النبى داود ـ عليهالسلام ـ ، وقبل أن يقدم الغورى ولّ هذا الضريح ظهرك حتى تشاهد صنع الله ، ففى هذا الموضع تعلق نظر الله ـ تعالى ـ وأنزل الله على حبيبه قوله : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) البقرة : ، فانطلق لتوّك يا سليم لهذا الموضع وكن سد الإسكندر. وغاب الدرويش عن النظر ، وسرعان ما قام سليم من هذا الموضع وعسكر عند مقام داود فى مرج دابق وأوقف الحراس فى الجهات الأربع ثم راح فى ثبات عظيم.
أول هزيمة لحقت بالغورى على يد السلطان سليم الأول
وفى صباح اليوم التالى قدم الغورى بجيش عظيم ووقف لملاقاة العثمانيين ، وقام بترتيب سبع فرق من الجنود ، وكان جيشه مؤلفا من عشرين ألف جندى من حملة العصى وعشرين ألفا من مقيمى الخيام وعشرين ألف سائس وعشرين ألف فلاح من الحرّاس حاملى العصى ، واثنى عشر ألف فارس من خيرة الفرسان ، وأربعين ألف فارس وثمانين ألفا من أغوات الميرميران وأمراء الشراكسة ، وعلى حد قول تواريخ الشهاب ، وعلاوة على سائر الرعاع مائتين من حاملى السيوف. وواجه الغورى بهؤلاء الجند السلطان سليم فى مرج دابق. أما العثمانيون فكانت عدتهم سبعة وثمانين ألف جندى.