الفصل الثالث عشر
ظهور دولة آل عثمان
ولقد ذكر المؤرخون الترك والجهابذة ما أسلفنا ذكره من دول وملوك سكنوا هذه الأرض ، ووقع كثير من الخلاف بين الأمم ، أما الترك ومن ملكوا أمرهم بأمر الله من ذرية عيص بن إسحاق ثم انتهوا إلى يافث ثم إلى نوح ـ عليهالسلام ـ ومن أرومتهم الطاهرة ظهر السلاجقة أول من وطأت قدمهم بلاد الترك وفى عام ٤٤٧ أربعمائة وسبعة وأربعين اتحدوا مع أمراء الدانشمندية قلبا وقالبا واستولوا على ديار ملاطيا وقيصرية وعلائية وأنطاكية وقونية وأصبحوا ملوكا مستقلين وظهروا من بلاد ما وراء النهر واقتضت مشيئة الله أن يغادر سليمان شاه وأرطغرل وهم أجداد العثمانيين بلدهم ماهان خوفا من بطش المغول وقدموا إلى مدينة أخلاط وسكنوها ، وفى عام () (١) ولما كانوا فى اتجاههم غربا إلى ساحل نهر مراد غرق رئيسهم سليمان شاه وهو يغتسل فى النهر عند قلعة جعبر ، وهناك دفن. وانطلق أرطغرل مع جميع رجاله إلى علاء الدين السلجوقى ، وإذ هو فى الطريق إليه صعد ربوة وبينما هو ينظر إلى سهل قونية وقعت عينه على جيشين كأنهما بحران يقتتلان ، وكانت الغلبة لجيش التتار على جيش السلاجقة وعلى رءوس رجاله بيض العمائم فقال أرطغرل : لنبذل لهم العون فما نحن من التتار. فرفع لواءا محمديا أبيض وتعقبه التتار بجميع جنودهم وأعد لهم كمينا فتردوا فيه ، فكان فرارهم بديلا من قرارهم فعادت الحياة إلى السلاجقة. فلم ينج أحد من التتار ، وقدم علاء الدين مدينة قونية مظفرا فخلع على أرطغرل خلعا فاخرة ومنحه رتبة أمير الجناح الأيمن وولاه على بورسة ، وقد غنم أرطغرل غنائم كثيرة من مناطق «بيله جك و «ايلى باط» و «اينه كول» و «يلق ابادو» وغيرها من المناطق المجاورة لولاية بورسة ، وقدم بهذه الغنائم إلى السلطان علاء الدين ، كما غنم كثيرا من الجند بمال الغزوات وأصبح علاء الدين على تعاقب الأيام ملكا عظيما بعون من أرطغرل وكان السلاجقة يتلقبون بالسلاطين ، ولما قدم الكفار إلى اوسكدار لم يستطيعوا رفع رأسهم
__________________
(١) بياض بالأصل.