وعندما رأى الملك تكفور تلك السفن المشرعة قادمة إليه من البر من قصره الموجود فى مكان يسمى تكفور سراى انقطع أمله هو ومن معه من القسطنطينية ، إذ جاء فى كتبهم أن ملكا يدعى محمد من الأمة المحمدية يأتى على رأسه عمامة يمتطى بغلا وكل بساطه من الجلد ، يرتدى الصوف ، وينتعل بحذاء أزرق ، يسير السفن على اليابسة ويأخذ القسطنطينية ، وهذا مسطور على المسلة الواقعة فى آت ميدان (ميدان الخيل).
وفور رؤية الكفار لمجىء السفن على اليابسة قالوا لنهيئ أمرا آخر وجرت حكمة الله القادر القيوم بأن تظهر فى سراى بورنو اثنتا عشر سفينة للفرنسيين جاءت مددا ، لأن جميع الكفار كانوا مطمئنين من جهة البحر وقاتلو من جهة البر وكان ملكهم فى قصره الكائن فى اكرى قابى.
أما من ناحية البحر فكانت الطيور لا تستطيع الطيران من ناحيته ، وذلك لأن ألف مدفع فى (سراى بورونو) ومائة مدفع فى (قيز قله سى) ، وخمسمائة مدفع كانوا يقفون أمام دار المدفعية القديمة فى (غالاطة) والتى تسمى اليوم باسم (كرج قابى). وعندما كان الحقير فى صباه شاهد هذه المدافع أمام (كرج قابى) للاحتفال بالعيدين. ولما وجهه السلطان مراد الرابع حافظ أحمد باشا على رأس الجيش إلى بغداد ، أفسد تلك المدافع وصب مدافع صغيرة ، وأرسلها بالسفن إلى الإسكندرون حيث ظلت ثلاثة أيام فى قلعة بيره جيك ، ثم أرسلها إلى بغداد بالقوارب عبر نهر الفرات.
ولذلك لم تكن الخشية من المدافع المنصوبة فى (سراى بورونو) ولما قدم المدد من سبعة عشر سفينة للروم من ناحية ميناء (بطريق خانه) ، وفى موضع يسمى (فنار قبوسى) أطلقوا المدافع والبنادق ، فأعلنوا شديد فرحهم ، ثم ألقوا مراسى السفن ، ولما كانوا فى سيرهم إلى قرى النصارى ، أنزل السلطان محمد من ناحية اليابسة مائتين من الفرفاطات تحت إمرة القبطان شاه قولى وكانت وكأنها التنانين ، ووصلوا إلى السفن كأنهم البرق الخاطف ، وبأمر الله لم تطلق اثنتا عشرة سفينة المدافع والبنادق ، وسحبوا هذه السفن الواحدة تلو الأخرى إلى حديقة ترسخانه.
فقال رجالنا إننا قدمنا لنستولى على ما فى حوزتكم من ممالك ، وكانت هذه ثلمة فى صفوف الفرنجة أوقعتهم فى فزع ورعب ، ونمى خبر الانتصار على هذه السفن إلى أبى