الحمام وتنور وتنظف وحلق رأسه وخرج ولبس أكفانه وتحنط في اليوم الذي بعث فيه الخبر عند انقضاء الأجل فصار إليه وقد اجتمع الناس عند السلطان في استقضاء أبي طيبة ، قال : فدخل عليه فقال له : يا أبا طيبة! قد أنقضى الأجل الذي أجلناه لك فاخرج إلى الناس قاضيا واحكم بينهم ، فبرك على ركبتيه بين يدي الحسين ثم قال : والله الذي لا إله إلا هو! لا وليت لك ولا لغيرك أبدا فاصنع ما أنت صانع ، قال : فاغتاظ عليه الحسين ولم يدر ما يصنع في أمره فأطرق مليا ثم قال : للعون أخرجه من باب الخاصة كي لا تشعر العامة بما جرى بيني وبينه فخرج وانصرف إلى منزله.
قال عبد الواسع : ثم إن كرز بن وبرة الحارثي سأل الله عزوجل أن يهب له اسمه الأعظم فقام سنة يدعو بذلك ، فبينا هو قائم في محرابه يصلي إذ سقط عليه رقعة مكتوبة بالعبرانية فأخذها فقرأها فاذا فيها اسم الله الأعظم قال : فكتمه ولم يعلمه أحدا غير أبي طيبة ، قال : فاستنسخه أبو طيبة منه فكان عنده ، فلما ولد له ابنه عبد الواسع وهو ابنه الأكبر وحضرته الوفاة دعا به فدفع ذلك الاسم إليه وأمره بالاحتفاظ به فلما حضر عبد الواسع : الوفاة دعا بابنه سعيد فدفعه إليه وأمره بالاحتفاظ به. قال عبد الواسع : فدعاني أبي يوما من الأيام نصف النهار فدفع إلي قارورة مسدودة الرأس مختومة ١١٠ / الف وفيها رقعة مطوية فدفعها إليّ وقال لي : اذهب بهذه القارورة يا بني! فألقها في نهر سليماناباذ وانظر ماذا ترى إذا أنت ألقيتها فيه فأخبرني به ، قال عبد الواسع : فأنكرت شأن القارورة في نهر سليماناباذ فأخبرت عمتي بذلك ؛ قال : فباركت علي ودعت لي ثم قالت : أصبت يا بني إذ أعلمتني بهذه القارورة ، هذه القارورة تدري ما هي يا بني؟ قلت : لا أدري فقالت : إن فيها اسم الله الأعظم وإن أباك خشي تضييعك لها فأمرك بما حكيت فادفعها إلي حتى أحفظها لك فارجع إليه وقل له : قد ألقيتها ، فاذا قال لك : ما رأيت؟ قل : رأيت كأن طيرا أبيض ارتفع