الإسلامي بل كذلك
للدرس الاجتماعي في كيفية ائتلاف الأعراب لحياة المدن وتحضرهم.
فالكوفة كانت
مركزا مهما لحادث اجتماعي عظيم وعاصمة لتأسيس الحضارة الإسلامية آنذاك ، وهي اليوم
أيضا عاصمة واسعة لمستقبل اللغة العربية وعلومها ولم تكن أختها البصرة ولا دمشق حتى ولا الفسطاط والقيروان
لتعرض لنا صورة واضحة رصينة ، كالكوفة وذلك في التمصير وتثبيت القبائل البدوية
الفاتحة المنتصرة واستقرارها على حافة الصحراء في ريف مماس إلى لسان من الرمل
اليابس النافذ في منطقة تروى بمياه شط عظيم «الفرات» وفي جزء من ذلك القطر الذي
كانت له مدنية زاهية زاهرة في الأزمنة الغابرة .
ولقد زرت أطلال
الكوفة مرتين في فترة ربع قرن ، ففي زيارتي الأولى سنة ١٩٠٨ (من ١٤ إلى ١٧ آذار)
لم أتمكن من نقل شيء سوى بعض الصور الفوتوغرافية . ولكن في زيارتي الأخرى سنة ١٩٣٤ (١٠ آذار) خرجت بالسيارة
وليس على ظهر الفرس كالمرة الأولى) ومعي دليل قد هيأه لي أصدقائي الشيعة بالنجف ،
مارد ابن الشيخ عطية فزرت أولا الأنقاض القائمة في البقعة التي هي اليوم صحراء
جرداء والتي كانت فيما مضى مدينة عربية عظيمة وقطبا
__________________