منها أن انخساف
القمر في مقاطراته الحقيقيّة للشمس يدل على أن الأرض في الوسط ، والواقف على الأرض
من جميع الجوانب رأسه إلى ما يلي المحيط وهو الفوق ، ورجله إلى ما يلي المركز وهو
التحت ، ومحدّب الأرض مواز لمقعّر الفلك المحيط به ، والسآر على الأرض يجب أن يسير
سمت رأسه في كل وقت جزءا آخر من الفلك.
مسئلة لتنبيه
الذهن على ما نحن فيه
وهي : لو كان
السير على جميع الأرض ممكنا ، ثم فرض تفرّق ثلاثة أشخاص من موضع بعينه ، فسار
أحدهم نحو المغرب ، والثاني نحو المشرق ، وأقام الثالث حتى دار السائران دورا من
الأرض ورجع السائر في الغرب إليه من جهة الشرق ، والسائر في الشرق من جهة الغرب ؛
نقص من الأيام التي عدّوها جميعا للمغرب واحد ، وزاد للمشرق واحد ؛ لأن الذي سار
إلى الغرب ، ولنفرض أنه دار الأرض في سبعة أيام سار موافقا لمسير الشمس ، فيتأخّر
غروبها عنه بقدر سبع الدور بالتقريب ، وهو ما يسيره في كل نهار ، ففي سبعة أيام
حصل له دور كامل ، وهو يوم بكماله ، والذي سار إلى الشرق كان سيره مخالفا لمسير
الشمس فتغرب الشمس عنه قبل أن يصل إلى سبع الدور ، فيجتمع من ذلك مقدار يوم ،
فتزيد أيامه يوما كاملا ، فلو كان افتراقهم يوم الجمعة ثم حضرا إلى المقيم الجمعة
الأخرى فإنه يكون بالنسبة إلى المقيم يوم الجمعة ، وبالنسبة إلى المغربي الذي حضر
من المشرق يوم الخميس ، وبالنسبة إلى المشرقي الذي حضر من المغرب يوم السبت ،
وكذلك الحال لو فرضت هذه الصورة في الشهور أو السنين في معرفة أجزاء الأرض : خطّ
الاستواء هي الدائرة العظيمة المتوهّمة التي تمرّ بنقطتي الاعتدالين الربيعي
والخزيفي ، وتفصل الأرض بنصفين : أحدهما شمالي والآخر جنوبي.
وإذا توهّمت عظيمة
أخرى تمرّ بقطبي هذه الدائرة انقسمت الأرض بهما أرباعا أحد الشماليين هو الربع
المسكون ، وثلاثة الأرباع غير معلومة الأحوال