أخباره مضطرب ،
وهو غير محقق. وكذلك بلاد البلغار ، وبلاد الجركس ، وبلاد الروس ، وبلاد السرب ،
وبلاد الأولق ، وبلاد الفرنج ، من الخليج القسطنطيني إلى البحر المحيط الغربي.
فإنها بلاد كثيرة وممالك عظيمة متّسعة إلى الغاية ، ومع ذلك فإن أسماء مدنها
وأحوالها مجهولة عندنا ، لم يذكر منها إلا القليل النادر ، وكذلك بلاد السودان في
جهة الجنوب ، فإنها أيضا بلاد كثيرة لجنوس مختلفة من الحبش والزنج والنوبة
والتكرور والزيلع وغيرهم ، فإنه لم يقع إلينا من أخبار بلادهم إلا القليل النادر ،
وغالب كتب المسالك والممالك إنما حقّقوا بلاد الإسلام ، ومع ذلك فلم يحصوها عن
آخرها ، ولكن كما قيل : ما لم يعلم كله لا يترك كله ، فإن العلم بالبعض خير من
الجهل بالكل ، وقد جمعنا في هذا المختصر ما تفرّق في كتب عديدة على ما سنقف عليه
إن شاء الله عند ذكرها.
وحذونا في تأليفه
حذو ابن جزلة في كتاب تقويم الأبدان في الطب ، وسمّينا كتابنا هذا: " تقويم
البلدان" ، وقبل ذكر البلاد في الجداول نقدّم ما يجب معرفته من ذكر الأرض
والأقاليم السبعة والبحار في معرفة جملة الأرض ، أما جملة الارض فكروية الشكل
حسبما ثبت في علم الهيئة بعدّة أدلّة منها : أن تقدّم طلوع الكواكب ، وتقدّم
غروبها للمشرقيّين على طلوعها وغروبها للمغربيّين يدلّ على استدارتها شرقا وغربا ،
وارتفاع القطب والكواكب الشماليّة وانحطاط الجنوبية للواغلين في الشمال ، وارتفاع
القطب والكواكب الجنوبية وانحطاط الشمالية للواغلين في الجنوب بحسب وغولهما وتركّب
الاختلافين للسآئرين على سمت بين السمتين ، وغير ذلك دليل على استدارة جملة باقي
الأرض ، وأما تضاريسها التي تلزمها من جهة الجبال والأغوار فإنه لا يخرجها عن أصل
الاستدارة ، ولا نسبة لها محسوسة إلى جملة الأرض ، فإنه قد تبرهن في علم الهيئة : أن
جبلا يرتفع نصف فرسخ يكون عند جملة الأرض كخمس سبع عرض شعيرة عند كرة قطرها ذراع ،
وكذلك ثبت في علم الهيئة : أن الأرض في وسط الفلك بعدّة أدلّة :