وأما البحيرة الثانية الشمالية : فبينها وبين البحيرة المذكورة غاب قصب وفيه زقاق يخرج فيه المراكب من البحيرة الجنوبية إلى الشمالية ، والبحيرة الشمالية المذكورة من عمل حصن برزية وتعرف ببحيرة النصارى ؛ لأن صيادين السمك بها نصارى ، ولهم بيوت على الخوازيق في شماليّ البحيرة المذكورة ، وتكون بقدر بحيرة أفامية أربع مرات ، ووسط بحيرة النصارى مكشوف وينبت النيلوفر في طرفيها الجنوبيّ والشماليّ وبها من الطير نحو ما تقدم ذكره وبها السمك المعروف بالإنكليس ؛ ولشهرة بحيرة أفامية وبطائحها اقتصرنا على هذه القدر من وصفها.
وهذه البطائح في الغرب بميلة إلى الشمال عن أفامية وقريبة منها فعرضها وطولها مقارب لعرض أفامية ، وطولها بحيرة أنطاكية وهي بحيرة بين أنطاكية وبين بغراس وبين حارم في أرض مستوية تعرف تلك الأرض بالعمق وهي من معاملة حلب على مسيرة يومين عنها في جهة الغرب ، ويقلب إلى هذه البحيرة ثلاثة أنهر تأتي من الشمال :
فأحدها : وهو الشرقي منها يقال له : عفرين ، والآخر وهو الغربي منها : يجري تحت دربساك ويقال له : النهر الأسود ، والآخر في الوسط بين النهرين المذكورين ويقال له : نهر يغرا ويغرا قرية على النهر المذكور وأهلها نصارى ودور هذه البحيرة نحو مسيرة يوم ويحيط بها الأقصاب وبها من الطير والسمك قريب مما وصف في بحيرة أفامية ، وتجتمع هذه الأنهر الثلاثة ـ أعني النهر الأسود ـ ويغرا وعفرين وتصير نهرا واحدا ويصبّ في البحيرة من شماليها ويخرج من جنوبيها نهر واحد ويتصل بهر الأرنط تحت جسر الحديد وفوق أنطاكية على نحو ميل منها ، وهذه البحيرة في شمالي أنطاكية فعرضها أكثر من عرض أنطاكية بدقائق ، وطولها بطول أنطاكية بالتقريب.
بحيرة أرجيش : وهي شرقيّ خلاط على مسافة يوم وهي بحيرة كبيرة