ذكر جزائر بحر الروم
والمحيط الغربي
لما فرغ من
الأندلس أخذ في ذكر الجزائر البحرية ، والمذكور هنا هو جزائر البحر المحيط الغربي
وجزائر بحر الروم خاصّة ، وأما جزائر بحر فارس وبحر الهند فسنذكرها إن شاء الله
تعالى في موضع آخر مفرد لها ، فمن جزائر البحر المحيط الغربي جزائر الخالدات وهي
جزائر واغلة في البحر عشر درجات عن الساحل وهي عدّة جزائر ، وبطليموس أخذ أطوال
المدن منها ، وقد قيل : إنها انغمرت في البحر وانقطعت أخبارها.
قال ابن سعيد : وجزائر السعادة فيما بين جزائر الخالدات والساحل ، قال : وهي مبدّدة في
الإقليم الأول والثاني والثالث ، قال : وهي أربع وعشرون جزيرة والحديث عنها
كالخرافات [ومن جزائر البحور المتفرعة عن البحر المحيط الغربي جزيرة برطانية في
بحر برديل وهو البحر الخارج في شمالي الأندلس ، وليس بهذه الجزيرة ماء إلّا من
الأمطار وعلى ذلك يزرعون ، وجزائر برطانية إحدى عشرة جزيرة ، ومن الجزائر المشهورة
جزيرة إنكلطرة ويقال إنكلترة ، قال ابن سعيد : وصاحب هذه الجزيرة يسمّى الإنكتار
في تاريخ صلاح الدين في حروب عكّا ، وقاعدته في هذه الجزيرة مدينة لندرس ، قال : وطول هذه الجزيرة
من الجنوب إلى الشمال بانحراف قليل أربعمائة وثلاثون ميلا ، واتّساعها في الوسط
نحو مائتي ميل ، قال : وفي هذه الجزيرة معدن الذهب والفضّة والنحاس والقصدير وليس
فيها كروم لشدّة الجمد ، وأهلها يحملون جواهر هذه المعادن إلى بلاد أفرنسة
ويتعوّضون به الخمر ، فصاحب فرنسة إنما كثر الذهب والفضّة عنده من ذلك وعندهم يصنع
الاشكرلاط الغالي من صوف غنمهم الذي هو ناعم كالحرير ، فيجعلون عليها جلالا تقيها
من الأمطار والشمس والغبار ومع غناء الإنكتار ، وسعة مملكته فإنه يقرّ بالسلطنة
للفرنسيين ، وإذا كان مجتمع حفل خدمه بأن يحطّ قدامه زبديّة طعام عادة متوارثة.