الأرض بين القدماء والمحدثين ، وأن مساحتها عند القدماء أكثر مما هو عند المحدثين ، وغالب عمل المتأخرين إنما هو على رأي القدماء لتعلق كثير من المسائل به.
واعلم أن بين القدماء والمحدثين أيضا اختلافا في الاصطلاح على الذراع والميل والفرسخ ، وأما الأصبع فليس بينهم فيها اختلاف ؛ لأنهم أجمعوا واتفقوا على أن كل أصبع ست شعيرات معتدلات مضموم بطون بعضها إلى بعض ، أمّا الذراع فالخلاف بينهم فيه حقيقي ؛ لأنه عند القدماء اثنتان وثلاثون أصبعا ، وعند المحدثين أربع وعشرون أصبعا ، وذراع القدماء أطول من ذراع المحدثين بثمان أصابع ، وأما الميل فهو عند القدماء ثلاثة آلاف ذراع ، وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع ، والخلاف بينهم فيه إنما هو لفظي ، فإن مقدار الميل عند الجميع شيء واحد ، وإن اختلفت أعداد الأذرع ؛ لأنه على التفسيرين ستة وتسعون ألف أصبع ، فإذا قسمتها اثنين وثلاثين اثنين وثلاثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع ، وإذا قسمتها أربعة وعشرين أربعة وعشرين كانت أربعة آلاف ذراع ، وأما الفرسخ فهو عند القدماء وعند المحدثين ثلاثة أميال ، لكن يجيء الخلاف لفظيا في الفرسخ إذا جعل أذرعا ؛ فإنه بذراع القدماء تسعة آلاف ذراع ، وبذراع المحدثين اثنا عشر ألف ذراع ، وهو على التفسيرين ثلاث مائة ألف أصبع ينقص اثني عشر ألف أصبع ، وإذا علمت أن الفرسخ عند القدماء تسعة آلاف ذراع ، والميل ثلاثة آلاف ذراع ، وعند المحدثين الفرسخ اثنا عشر ألف ذراع ، والميل أربعة آلاف ذراع. فاعلم أن الميل على التفسيرين ثلث فرسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال باتفاق.