فتنحيت وأقبلت السباع والطير من كل ناحية فتقاسمت لحمه في أسرع من طرفة عين.
فلما رجعت الى المدينة أخذت خرجه ومضيت به الى منزله ، فلما قرعت بابه ، خرجت إلى أخت له صغيرة ، فلما نظرت إلى قالت : يا أمه هذا أبو قدامة قد قدم ، وما أرى أخي معه ، قال : فخرجت والدته فسلمت عليّ ، وقالت : أبا قدامة أمهني أم معزّى؟ قلت : وما مهني ، وما معزي؟ قالت : أبا قدامة إن كان ولدي قد (١٨٠ ـ و) مات فعزّ ، وإن كان استشهد فهنّ ، قال : قلت : بل مهن رحمك الله ، إن ولدك استشهد رحمة الله عليه ، فقالت : الحمد لله ، يا أبا قدامة إن لي في ولدي علامة هل رأيتها فيه؟ قلت : نعم قال : إن الأرض لم تقبله ، قالت : الحمد لله ما فعل خرجه يا أبا قدامة؟ فناولتها ففتحه وأخرجت منه مدرعة شعر وغلّا من من حديد ، ثم قالت : أبا قدامة كان ولدي إذا جنه الليل وغارت النجوم ولم يبق إلا الحي القيوم ، تدرع بهذه المدرعة ، وغل بهذا الغلّ يده الى عنقه ، ثم ناجى من لا تأخذه سنة ولا نوم ، وكان يقول في مناجاته : أي رب لا تحشرني إلا من بطون السباع وحواصل الطير ، فالحمد لله الذي منّ عليه بذلك.
أبو القعقاع الجرمي :
شهد صفين مع علي رضي الله عنه ، وحكى عن الوقعة روى عنه أبو جناب الكلبي.
أبو القوارير :
ولي طرسوس بعد يزيد بن مخلد الفزاري ، كما قرأته في كتاب البلدان تأليف أحمد بن يحيى البلاذري ، قال : قالوا : وكان عبد الملك بن صالح قد استعمل يزيد ابن مخلد الفزاري على طرسوس ، فطرده من بها من أهل خراسان ، فاستوحشوا منه للهبيرية ، فاستخلف أبا القوارير فأقره عبد الملك بن صالح ، وذلك في سنة ثلاث وتسعين ومائة (١).
__________________
(١) فتوح البلدان : ١٧٤.