أمر ابن الأهوازي ورشيق النسيمي ، ودزبر الديلمي الخوارج عليه ، فأسخطه ذلك ، وكان سبب اعتقاله بعد ظفره بهم.
ومن جرأته عليه وطرائفه معه ما حدثني به أبو القاسم قال : اجتمعت يوما مع القنّائي الكاتب بأنطاكية ، فذكر فضائل سيف الدولة وأطراه ، ووصف شجاعته وفروسيته ، وسخاءه وفهمه وعلمه ، فقلت : أنا أفضله في هذه الخلال كلها ، وأزيد عليه بالشرف فأنا خير منه من كل وجه ، فمضى القنّائي ، فحكى ذلك له ، وجئته بعد يوم فلما رآني قال للحاجب ، وهو ينظر إليّ : أحضر القنائي ، فقلت : ولم أيها الأمير؟ قال : ليعيد بحضرتك كلاما أعاده عليّ عنك ، فقلت : ما تحتاج إليه ، أنا أذكره لك ، فقال : هاته ، فأعدت عليه القول من غير زيادة ولا نقص ، فقال : وما حملك على هذا؟ فقلت : غلط لم يضررك الله به ، ولم ينفعني فضحك ، وقال : الله حسيبك.
وحدثني أيضا قال اضطررت في خراج كان عليّ بحارم وسبب به لقوم آذوني إلى أن بعت حلي بعض بناتي وأديت الخراج ، وركبت بعد يوم أو يومين فاجتمعت مع جماعة من الأشراف والكتاب في طريق الميدان بحلب ، فاجتاز بنا بدوي ، قد خلع عليه سيف الدولة وطوقه بطوق ذهب ، فقلت لمن كان معي : أريكم حلي ابنتي ها هو ذا طوق (١٧٦ ـ و) في عنق هذا البدوي قد أخذه سيف الدولة من غير حقه ، وصرفه في غير وجهه ، فنقل بعضهم هذا القول إليه ، فرد عليّ الخراج الذي كنت أديته ، وكان سيف الدولة قبل موته بأيام أطلقه ، وفك قيده وخلع عليه ، وأطلق له ألوف دراهم واستحله فأحلهّ ، وأتفق أنه حضر وفاته ، فتولى هو الصلاة عليه.
أبو القاسم المقرئ بالالحان :
شاعر من معرّة النعمان ، كان حضر في مجلس أبي العلاء بن سليمان ، ولم أظفر بشيء من شعره ، ولما حضر قال له أبو العلاء : إن رأيت أن تحيي القلوب بقراءة نوبة ، فقرأ «ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا (١)»
__________________
(١) سورة الاسراء ـ الآية : ٧٢.