قلت : قد نسب بعض الناس البيت الثاني والثالث والرابع الى الأمير سيف الدولة ، وزعم أنه كتب بها الى أخيه وليس ذلك بصحيح ، والصحيح أنها للببغاء.
قال الببغاء في تمام ما رواه عنه ابن نصر في المفاوضة : وكان سيف الدولة يمازحه كثيرا ، ويولع به دائما ويتبسط الشيظمي عليه فضل تبسط ويحتمله ، فقال لنا أبو الفرح : كنا (١٧٣ ـ و) بحضرة سيف الدولة ليلة من الليالي ، فدخل الشيظمي ، فقال سيف الدولة : انظروا كيف أجننه ويرجع ، فقال له حين أقبل : أي وقت هذا يقصد فيه السلاطين ، وما الذي عرض حتى جئت فيه ، ولم يزل يوبخه ويظهر الغيظ منه ، فلما سمع الشيظمي ذلك رجع ، فقال له سيف الدولة : الى أين؟ قال : انصرف فإني قد بلغت غرضي وقضيت حاجتي ، قال : وما هي؟ قال : حضرت لأغيظك وقد أغتظت ، ولم يبق لي شغل ، قال : فضحك سيف الدولة حتى استلقى ، ثم قال : بحياتي أمعك شعر؟ قال : نعم ، فأنشده قصيدة أولها :
من جانب الغي توخى رشده |
|
ومن بغى الشكر بجود وجده |
وفعلك الخير مفيد خيرة |
|
أفلح من أطلق بالخير يده |
ومضى فيها فاستحسنها سيف الدولة وأحسن جائزته عنها.
قرأت بخط المفضل بن أسد الفارزي الحلبي للشيظمي من قصيده :
فان ضاقت علي ديار بكر |
|
فما ضاق العراق ولا الشام |
إذا ستر لرجاء ثناه راج |
|
تكلم حيث يتسع الكلام |
أبو القاسم بن السحلول :
الزاهد ، رجل من العباد الأتقياء ، له كرامات كان بشيزر.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه : سنة أربع وثلاثين وخمسمائة في شوال وفي حادي عشر مات أبو القاسم بن السحلول الزاهد رحمه الله ، وكان لا يأكل خبزا لأحد قط (١٧٠ ـ و) الا ما يعمل ، ولقد حدثني جماعة ، وهو حاضر يتحدث حينئذ ، أنه حج وجاءت طريقه الى خيبر هو وجماعة من الحجاج فأخذوهم العرب ، قال : ومشينا حتى نال الحر والعطش منا ، وقال له