مملوكين أرادا قتل شرف الدولة أبي المكارم فعاد من حلب الى القادسية ، فقبض عليه شرف الدولة وحبسه وصادره في سنة سبع وسبعين (١)
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب الأصبهاني في (١٣٦ ـ ظ) حوادث سنة ثمان وسبعين وأربعمائه : في صفر كان مقتل شرف الدولة مسلم بن قريش ، وكان أبو العز بن صدقة في اعتقال شرف الدولة فورد إلى بغداد فارا من حبسه ، وكان قد اعتقله بعد أن وزر له السنين الطويلة ومهدّ أمره ، ثم تغير عليه وقبضه فعاتبه بعض أصحابه فقال : ما آمنه لأنه عازم على قتال ابن جهير ، ومتوجه (٢) الى حربه ولولا ذلك لأطلقته ، فإنني أخاف أن يخرج منه علي ما لا أتلافاه.
وحبسه بالرحبة وساعده ابن الجسّار وعمل سفينة خفيفة ، وأظهر إنه يريد أن يخدم بها شرف الدولة ، فلما تم خرج في زي امرأة من بيت عجوز إلى جنب الحبس نقب إليه ، وخرج فلما وصل الى الباب قال بعض الناس : هذه الامرأه ما أطولها : فقال ابن الجسار : امسك قطع الله لسانك لا تذكر حرم الناس وكان الفرات ناقصا فلما جلس في السفينة زاد ذراعا ، فانحدر الى الأرحاء ببغداد ، وقصد باب المراتب.
وحكي عنه أنه كان يخاطب أصدقاءه بعد أن ولي الأعمال العظيمة والولايات بما كان يخاطبهم به ، ويقول : لم ينقصوا بل زدت أنا ، وزيادتي لا تمنع من توفيتي ما عودتهم.
وتوفي ابن صدقة بعد وصوله بأربعة أشهر (١٣٧ ـ و) في جمادي الأولى من هذه السنة (٣).
__________________
(١) من أجل حكم مسلم بن قريش لامارة حلب انظر كتابي امارة حلب : ١٦٣ ـ ١٧٠.
(٢) الاشارة هنا الى مسلم بن قريش ، وحول حربه ضد ابن جهير انظر كتابي امارة حلب : ١٧١ ـ ١٧٣.
(٣) يفترض أن هذه المادة نقلت من كتاب نصرة الفترة وعصرة الفطرة للعماد الأصفهاني ، وقد هذب الفتح البنداري هذا الكتاب ونشر باسم تاريخ دولة آل سلجوق ، وحذف البنداري هذا الخبر أثناء التهذيب ، ومعروف من كتاب النصرة نسخة خطية واحدة محفوظة في باريس ، اتفقت مؤخرا مع مستشرق روسي على نشرها بالعربية وترجمتها الى الروسية أيضا.