قال ، ونقلته من خطه : سنة ست عشرة وخمسمائة ، وفيها وصل الواحد أبو طالب من الخليفة فانتسجت بيني وبينه مودة ، فكتب إلي أبياتا وأنا داخل من الركوب.
ياليل ما جئتكم زائرا |
|
إلّا رأيت الأرض تطوى لي |
ولا ثنيت العزم عن داركم |
|
إلّا تعثرت بأذيالي |
فلم أعلم ما معناها في وصولها وأنا مع أبي دخول من الصيد ، فأريته الرقعة ، وقلت : ما معنى هذا؟ فقال : والله لا أعلم ، وأريتها لعمي عز الدين في الحال ، فقال : ما أعلم ، فأمرني أن أخلع عدتي وأرجع سريعا فخطر لي أنه يختبرني ليعلم بديهتي فكتبت في ظهرها : (١١٤ ـ و).
كم لي الى دارك من صبوة |
|
أعدت فأبكت لي عذّالي |
وحرّ نار في الحشى محرق |
|
لبعدكم يقضى بتر حالي |
إن كنت أضمرت سلوا ولا |
|
بلغت من وصلك آمالي |
وعشت من بعدك وهو الذي |
|
أخشى لأن الموت انتهى لي |
ورجعت الى مجلس عمي ، فقعدت فيه ساعة ، وحضر الرجل ، فقلت : يا سيدنا جمال الأدب والعلماء ما علمت ما معني البيتين وأريتهما لموليي : عمي وأبي ، فما علما ، فقالا : والله كذلك كان ، قلت : بل وقع لي أنك أردت تختبرني ، فعملت في ساعتي هذه الأبيات وأنشدتها ، فقال لي من حضر : والله لولا أنها مكتوبة في ظهر الرقعة لظنناها من حفظك ، وكان والله أديبا مليحا ، وهو كان لازما لبني الشهرزوري والأبيات لابن الشهرزوري ، وأنشدني له أيضا وقد مرّ بقبر أخيه :
مررت على قبر تداعت رسومه |
|
ومنزله بين الجوانح آهل |
فريد وفي الأخوان والأهل كثرة |
|
بعيد ومن دون اللقاء الجنادل |
فحرك مني ساكنا وهو ساكن |
|
وثقف مني مائلا وهو مائل |