ليس لله عز وجل فيه تبعة ، ولا لمخلوق فيه منّه.
قال : فمكثت آكل منه نصف سنة ثلاثة أشهر في دار السبيل ، وثلاثة أشهر في غيره ، آكله نيّا ومطبوخا ، فصار لي حديث ، فقلت : هذه فتنة ، فخرجت من دار السبيل فكنت آكله ثلاثة أشهر أخر ، وأو جدني الله عزّ وجل قلبا طيبا ، حتى قلت : إن كان أهل الجنة بهذا القلب الذي لي فهم والله في شيء طيب ، وما كنت آنس بكلام الناس.
فخرجت يوما من باب قلمية الي صهريج يعرف بالدنف ، فجلست عنده فاذا أنا بفتى قد أقبل من ناحية لامش يريد طرسوس ، وقد بقي معي قطيعات من ثمن الحطب الذي كنت أجيء به من الجبل ، فقلت أنا قد قنعت بهذا الخبازي أعطي هذه القطع هذا الفقير إذا دخل طرسوس اشترى بها شيئا وأكله ، فلما دنا مني أدخلت يدي الى جيبي حتى أخرج الخرقة ، فاذا أنا بالفقير قد حرك شفتيه ، واذا كل ما حولي من الأرض ذهب يتقد حتى كاد يخطف بصري ، ولبسني منه هيبة فجاز ولم أسلم عليه من هيبته.
قال أبو بكر ـ يعني ـ محمد بن داود الدقي : وزادني أبو الفرج بن أبان في هذه (١٠٥ ـ و) الحكاية قال : فقلت له فرأيته بعد ذلك؟ فقال : نعم خرجت يوما خارج طرسوس فاذا أنا بالفتى جالس تحت برج من الأبرجة ، وبين يديه ركوة فيها ماء ، فسلمت عليه ثم استدعيت منه موعظة ، فمد رجله فقلب الماء ، ثم قال لي : كثرة الكلام تنشف الحسنات كما نشفت الأرض هذا الماء ، قم يكفيك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الحموي ـ اجازة ان لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني قال : أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن السلمي عن أبي علي الحسن ابن علي الأهوازي قال : حدثنا أبو محمد عيدان بن عمر بن الحسن المنبجي قال : حدثنا أبو بكر محمد بن داود الدقي فذكر الحكاية.
كتب إلينا الحافظ عبد القادر قال : أخبرنا أبو الفضل الطوسي قال : أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا علي بن عبد الله