قلت فأندرش ، قال عنصر جباية ، ووطن به أولو إباية ، حريرها ذهب ،
وتربها تبر ملتهب ، وماؤها سلسل ، وهواؤها لا يلفى معه كسل ، إلا أنها ضيّقة
الأحواز والجهات ، كثيرة المعابر والفوهات ، عديمة الفرح والمتنزّهات ، ثقيلة
المغارم ، مستباحة المحارم ، أعرابها أولوا استطالة ، وأبناء مترفيها كثير البطالة
، فلا يعدم الزرع عدوانا ، ولا يفقد عير الشر نزوانا ، وطريقها غير سوي ، وساكنها
ضعيف يشكو من قوي.
قلت فشبالش ، قال معدن حرير خلصت سبائكه ، وأثرى بزازه وحائكه ،
وتهدّلت حجاله وتمهّدت أرائكه ، وجباية سهل اقتضاؤها وحمّت بيضاؤها ، إلا أنه وطن
عدم إدامه ، وبيت ظهر اهتدامه ، وفقدت به حيل التعيّش وأسبابه ، ومحل لا يقيم به
إلا أربابه.
قلت فمدينة وادي
آش ، قال مدينة الوطن ، ومناخ من عبر أو قطن ، للناس ما ظهر ولله ما بطن. وضع
سديد ، وبأس شديد ، ومعدن حديد ، ومحل عدّة وعديد ، وبلد لا يعتلّ فيه إلا النسيم
، ومرأى يخجل منه الصباح الوسيم. كثيرة الجداول والمذانب ، مخضرّة الجوانب. إلى
الفواكه الكثيرة والكروم الأثيرة ، والسقي الذي يسد الخلّة ، ويضاعف الغلّة ،
وسندها معدن الحديد والحرير ، ومعقلها أهل للتاج والسرير. وهي دار أحساب ، وإرث
واكتساب ، وأدب وحساب. وماؤها مجاج الجليد ، وهواؤها يذكّي طبع البليد ، إلا أن
ضعيفها يضيق عليه المعاش ، وناقهها يتعذّر عليه الانتعاش ، وشيخها يخطو على قصبة
الارتعاش ، فهي ذات برد ، وعكس وطرد ، ما شئت من لحي راعد ، ومقرور على الجمر قاعد
، ونفس صاعد ،
__________________