الغيوم سموطها ، ومدّت عناكب السحاب خيوطها ، فبتنا وعيون المزن باكية ، والمنازل من توقع فراقنا شاكية (واستقبلنا الوادي نجعله دليل تلك الطريق ، ونتبعه في السعة والضيق ، فكم مخاضة منه عبرنا ، وعلى مشقّتها صبرنا ، حتى قطرت الأذيال والأردان ، وشكت أذى الماء
الأبدان ، وتوفرت ذو الضجر ، لملازمة الماء والحجر ، ونسينا بمعاناته ألم البعاد ،
وذكرنا ببرده وإعادته مثلهم في الحديث المعاد ، اللهم غفرا فضله مديد ، ومنظرا في
الحسن فريد ، وقد راق شأنه ، وتصاف على الشط سكانه ، فرأينا الحور تحت سماط الحور
، والنور فوق بساط النور.
ولما كان عمر
اليوم ينتصف ، وقد بلونا من بعد المشقة ما لا نصف ، وتخلّصنا من ذاك الكمد ،
شارفنا دار عبلة العلياء في السند). واستقبلنا عبلة ولورسانة ، وأنخنا الركائب بطاهر فنيانة ، بقعة حظها من النعم موفور ، وبلدة طيّبة وربّ غفور ،
حللناها ومنادى العجماء يعرب ، والشمس يراودها المغرب ، وقد عظم (أثر) الهياط والمياط ،
__________________