وهكذا تنتهي رحلة
ابن الخطيب ، ونلاحظ أن أسلوبه الكتابي فيها ، وفي كتاب نفاضة الجراب بصفة عامّة ،
يختلف عن أسلوب رحلاته الأخرى ، بمعنى أنه لم يتّخذ طابع فن المقامات المعروف
بالسجع والتقفية ، بل كان كلاما مرسلا جزلا في غالب الأحيان غير أن أسلوب ابن الخطيب ، سواء في هذا أو ذاك ، نراه بصفة
عامّة بادي التكلّف ، مليئا بالصنعة اللفظية والمحسنات البديعيّة التي كانت سائدة
في العالم الإسلامي في ذلك الوقت.
هذا وقبل أن نختم
الكلام في هذا الموضوع ، ينبغي أن نشير إلى أن ابن الخطيب كان يزمع القيام برحلة
إلى بلاد المشرق لتأدية فريضة الحج والاتصال بالأوساط العلميّة فيها. غير أن أعباء
منصبه ـ كما يقول هو ـ قد حالت دون تحقيق مآربه. إلا أن ابن الخطيب قد نفّس عن هذه
الرغبة المكبوتة بأن أرسل ابنه أبا الحسن علي إلى المشرق ليأخذ العلم على علماء
عصره هناك ، كما أرسل كتبه وأمواله إلى القاهرة ليستفيد بها طلبة العلم هناك.
وبعد فمثل هذه
الروح النشطة ، والحيويّة المتدفقة ، ثم هذه الدقّة في الملاحظة التي امتازت بها
جميع أوصافه ومشاهداته ، تدلّ جميعا على أن ابن الخطيب رحّالة من الطراز الأول.
ولا يسعني في ختام
هذه المقدمة إلا أن أوجّه خالص شكري إلى صديقي الأستاذ الدكتور عبد العزيز
الأهواني ، إذ تفضّل بمراجعة بعض نصوص هذا الكتاب مبديا من الملاحظات والنصائح ما
دلّ على غزارة علمه وسموّ أخلاقه.
|
أحمد مختار العبادي
الإسكندرية يناير ١٩٥٨
|
__________________