من الطعام البحر ،
وطما الموج ، ووقع البهت ، وأمّل الطّحو ، ما بين قصاع الشيزي أفعمها الثرد ، وهيل بها السمن ،
وتراكبت عليها لسمان الحملان الأعجاز ، وأخونة تنوء بالعصبة أولي القوة ، غاصّة من
الآنية بالمذهب والمحكم ، مهدية كل مختلف الشكل ، لذيذ الطعم ، مهان فيه عزيز
التابل ، محترم عنده سيدة الأحامرة الثلاثة ، إلى السمك الرضراض والدجاج فاضل أصناف الطيّار ، ثم
تتلوها صحون نحاسية تشتمل على الطعام خاص من الطير والكبّاب واللقالق ، يقع منها بعد الفراغ إلمام ذلك الرئيس في نفر من خاصته
مما يدل على اختصاص ذلك بنفسه. ويتلو ذلك من أصناف الحلواء بين مستبطن للباب البر
، ومعالج بالقلو ، وأطباق مدّخر الفاكهة وأوعية العود المحكم الخلق ، المشتملة على
مجاج الشهد. وقد قام السماط من خدام وأساودة أخذتهم الآداب وهذبتهم الدّربة ،
فخفّت منهم الحركة ، وسكنت الأصوات ، وانشمرت الأذيال ، وقد اعتمّ من الآنية
النحاسية للوضوء والوقود كل ثمين القيمة ، فاضل أجناسه في الطيب والأحكام
والفخامة.
ولم يكد يفرغ من
الأكل إلا وقد جنّ الليل ، وتلاحق من الطعام السيل ، مربيا على ما تقدم بالروية وانفساح
زمان الاحتفال ، وتفنن أصناف الحلواء ، وتعدّى (٤ و) عسليّها إلى السكر ، وكان
السّمر والمجالسة في كنف لألاء الشموع الضحاكة فوق المنصات النحاسية ، والأنوار
اللاطونية .
فاستعيد الكثير من
تاريخ القطر وسيره ، وخبر لجأ السلطان المقدس أمير المسلمين أبي الحسن إلى قنتة ، والتحرم بمنيع وعز جواره على تقية هيض
__________________