ظل على الدين ممدود ، نعم العرين لأسود بني مرين ، ودار العبادة التي يشهد بها مطرح الجنّة ومسجد الصابرين ، وأم القرى ، ومأمّ السّرى ، وموقد نار الوغى ونار القرى ، ومقر العز الذي لا يهضم وكرسي الخلافة الأعظم ، والجريّة التي شقها ثعبان الوادي فما ارتاعت ، والأبيّة التي ما أذعنت أذعانها للأيالة المرينية ولا أطاعت. أي كلف وكلف ، ومتفق ومختلف ، ومحاباة وذلف ، وقضيم وعلف ، وخلف عن سلف ، إنما الدنيا أبو دلف. سألت عن العالم الثاني ، ومحراب السبع المثاني ، ومعنى المغاني ، ومرقص النادب والغاني ، وإرم المباني ، ومصلّى القاصي والداني ، هي الحشر الأول ، والقطب الذي عليه المعوّل ، والكتاب الذي لا يتأوّل ، بل المدارك والمدارس ، والمشايخ والفهارس ، وديوان الراجل والفارس ، والباب الجامع من موطأ المرافق ، ولواء الملك الخافق ، وتنّور الماء الدافق ، ومحشر المؤمن والمنافق ، وسوق الكاسد والنافق ، حيث البنى التي تنظر إليها عطارد فاستجفاها ، وخاف عليها الوجود أن يصيبها بعينه الحسود فسترها بالغور (٤٧٩) وأخفاها.
والأسواق التي ثمرات كل شيء إليها جبيت ، والموارد التي اختصّت بالخصر وحبيت ، والمنازه المخطوبة ، وصفاح الخلج المشطوبة ، والغدر التي منها أبو طوبة.
بلد أعارته الحمامة طوقها |
|
وكساه ريش جناحه الطاؤوس |
فكأنما الأنهار فيه مدامة |
|
وكأن ساحات الديار كؤوس |
اجتمع بها ما أولده سام وحام ، وعظم الالتئام والالتحام ، فلا يعدم في مسالكها زحام. فأحجارها طاحنة ، ومخابزها شاحنة ، وألسنتها باللغات المختلفة لاحنة ، ومكاتبها مائجة ، ورحابها متمائجة ، وأوقافها جارية ، والهمم فيها إلى الحسنات وأضدادها متبارية. بلد نكاح وأكل ، وضرب وركل وامتياز
__________________
انظر أيضا (السلاوي الناصري : الاستقصاء ج ٢ ، ص ٢٢ ، ابن خلدون : العبر ج ٧ ، ص ١٩٤ ـ ١٩٥) ابن القاضي : جذوة الاقتباس (فاس ١٣٠٩). Levi Provencal : La Fonclation de Fes) Paris ٩٣٩١)
راجع كذلك (Enc.ISl.Art ,fas ,II PP.٢٧ ـ ٠٨ وما بها من مراجع).
(٤٧٩) الماء الغائر ، الكهف ، ما انحدر من الأرض ، القعر من كل شيء