الصحة ، والعرب
عليها في الفتن ملحّة ، والأمراض بها تعيث وتعبث ، والخزين بها لا يلبث.
قلت فأزمّور ، قال جار واد وريف ، وعروس ربيع وخريف ، وذو وضع شريف ،
أطلّت على واديه المنازه والمراقب ، كأنها النجوم الثواقب ، وجلت من خصبه المناقب
، وضمن المرافق نهره المجاور وبحره المصاقب. بلد يخزن الأقوات ، ويملأ اللهوات ،
باطنة الخير ، وإدامة اللحم والطير ، وساكنه رفيه ، ولباسه يتّحد فيه ، ومسكنه
نبيه ، وحوته الشابل ليس له شبيه. لكنّ أهله إنما حرثهم وحصادهم اقتصادهم فلا
يعرفون ارضاخا ، ولا وردا نضّاخا ، يترامون على حبّة الخردل بالجندل ، ويتضاربون
على الأثمان الزيوف بالسيوف. بربريّ لسانهم كثير حسانهم ، قليل إحسانهم ، يكثر
بينهم بالعرض الافتخار ، ويعدم ببلدهم الماء والملح والفخّار.
قلت فتيط ، قال معدن تقصير ، وبلد بين بحري ماء وعصير ورباط
للأولياء به سرور واغتباط. ومساجدها تضيق عنه المدائن منارا عاليا ، وبقلادة
الإحكام حاليا ؛ إلا أن خارجها لا يروق عين المقيم والمسافر ، ولا يشوق بحسن سافر
، ومؤمنه يشقى بصداع كافر ، وحماه عدو كل خفّ وحافر ، فلو لا ساكنه لم ينبس يوم
فخر ، ولم ينم إلا إلى صخر.
قلت فرباط آسفي قال لطف خفيّ ، وجناب حفيّ ، ووعد وفيّ ،
__________________