بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم :
لم يكن التراث الاَخلاقي الضخم الذي
تزخر به خزائن الحضارة الاِسلامية حالة غير طبيعية تنفصل عمّا أرساه دين الله
الحنيف من تعاليم ربانية ، تنظّم مسيرة المجتمع البشري لما فيه خيره وصلاحه ، بل
يمكن القول : إنّ الجانب الاَخلاقي يعتبر بمثابة العلامة الفارقة التي تميزت بها
الحضارة الاِسلامية عن بقية حضارات الاَمم والشعوب منذ بدء الخليقة وإلى يومنا
هذا.
يتعاظم المسلم فضائل ... يجد نفسه
كبيراً كما هي الراسيات نبلاً وشهامة ، يحق له أن يحدّق في عين الشمس فيتطاول
عليها شمماً وكرامة ، وهو يتمثل ـ عبر كنوز التراث ـ رسول الاِسلام يعود جاره
اليهودي عند مرضه يسأل عن أحواله ، ويطيب خاطره ، مع أنّه جار سوء طالما آذاه
بإلقاء القمامة عليه ، وقذفه بأقسى الكلمات ، فما كان من اليهودي ـ العدوّ لله
ولرسوله ـ إلاّ أن يذعن لدعوة الحق ، وهو يشاهد غماماً من رحمة رسول الله وخلقه
الرفيع تهطل عليه وابلاً من الرأفة والحنان والحب؛ وهل الدين إلاّ الحب!؟
وهكذا يدوّن التأريخ حقيقة أنّ أخلاق
المسلمين كانت المفتاح الذي استطاعوا به فتح مغاليق قلوب الناس ، لتستقبل النور
الاِلهي المنبعث من شعاب