القلب وما انبعث لأنه صادفنا هواء ممتزج ببرد ومطر فهذا هو الموجب للكدر وبتنا عند الشيخ يوسف المتقدم ذكره والى الشكر والحمد آل أمره.
ثم رحلنا وقت صلاة الظهر لنزول بعض ثلج الى بعلبك المشهورة في القطر ، فلما وصلناها وللمشقات قطعناها استقبلنا مفخر الفضلاء ومرجع الخطباء مولانا الشيخ تاج الدين وولده الفاضل الفصيح ذو العقل الرازن الرجيح مولانا الشيخ محمد ذو الفضل المبين وهو الخطيب يومئذ بجامعها الكبير وإليه كل (٢٨ أبر) من اهلها يشير فانزلنا الشيخ الكبير عنده واجزل كل منهما معروفة ورفده. وبتنا معهما في ليلة تشبه ليالي الحضر (٢٦ ب اسطنبول) لا ليالي السفر في منزل واسع رحيب وخير جزيل سهل قريب. ثم لما أن أصبح الصباح وظهر نور الشمس ولاح ، قلت للرفاق : قوموا بنا على شرط الوفاق من غير تكاسل ولا تواني لزيارة الاستاذ العارف الشيخ طاوس اليماني (١). فلما وصلت لحضرته وتمتعت بمشاهدة بركته توسلت الى الله تعالى وأرجو القبول ببركته ودعوت بعد ما صليت ما تيسر في ذلك المقام واستنشقت أرج القبول من حمى ذلك الشيخ الامام ، ثم خرجنا وبما في البلدة أحطنا ومررت على بيوت بني الحرفوش واذا هي خراب مأوى للكلاب والوحوش فأنشدت بعدما استعبرت قول الشريف الرضي (٢٨ ب بر) صبت عليه الرحمة في البكور والعشي (٢).
__________________
(١) طاوس اليماني : ابو عبد الرحمن طاوس بن كيسان «اول الطبقة من اهل اليمن» توفي بمكة المكرمة سنة ١٠٥ ه / ٧٢٣ م ، ادرك عددا من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واكثر روايته عن عبد الله بن عباس وروى عنه عدد كبير من اوائل رجال الحديث كمجاهد وعطار وعمرو بن دينار والزهري وغيرهم ، لمزيد عن حياته ورواياته راجع ابا نعيم احمد بن عبد الله الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه / ١٠٣٨ م) حلية الأولياء وطبقات الاصفياء ، ٨ م ، دار الكتاب العربي ، بيروت ١٩٦٧ ، م ٤ ، ص ٣ ـ ٢٣.
(٢) انظر القصيدة المنشورة باسم «تلفت القلب» ديوان الشريف الرضي ، ٢ م ، دار صادر ، بيروت ١٩٦١ ، م ١ ، ص ١٨١.