ثم رحلنا منها ضحوة النهار عازمين على زيارة حضرة النبي شيت (١) العالي المقدار على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام ما بقي الفلك الدوار. فلما وصلنا الى تلك الحضرة الشريفة والبقعة العالية المنيفة استقبلنا خادمه ذو الفضل الوفي الشيخ علي وانزلنا في منزله (٢) الكريم وقابلنا بالاجلال والبشر والتكريم وقام بخدمتنا وعم اكرامه لسائر رفقتنا ، ثم توجهنا بالخضوع والانكسار الى زيارة تلك الحضرة التي تحار في أبهتها الأنظار ، فلما شاهدتها أسبلت الدموع الغزار وقبّلت ذلك الضريح المنور المعظم المحجّر وقرأت ودعوت الله تعالى (٣) بما تيسر وكتبت بيتين في الحائط القبلي كعادة من حضر ولم استطع الزيادة عليهما لهيبة المقام (٢٩ ب بر) وعدم الافصاح بالكلام وهما :
الرمل
يا نبي الله يا شيت |
|
الذي قد علا قدرا من الله الرحيم |
عبدك المسكين يحيى جاكم |
|
زائرا فاقبله من لطف عميم |
وطول قبره الشريف خمسون ذراعا وقد احتوى على قوس (٤) من الحجارة من جهة الطول من كل ناحية ثمانية وعند رأسه الشريف قوس
__________________
(١) قبر شيت بن نوح حسب ما اورده ابو الحسن علي بن ابي بكر الهروي (ت ٦١١ ه / ١٢١٥ م) يقع بالقرب من كرك نوح في البقاع ، انظر ، كتاب الاشارات الى معرفة الزيارات ، تحقيق جانين سورديل ـ طومين ، دمشق ١٩٥٣ ، ص ١٠ ، يذكر أحمد بن فضل الله العمري (ت ٧٤٢ ه / ١٣٤١ م) ما يلي «قبر شيت بقرية تعرف بشرعين بالقرب من كرك نوح» مسالك الابصار في ممالك الامصار ، م ١ ، تحقيق احمد زكي باشا ، القاهرة ١٩٢٤ ، ص ٢١٥ ، ولقد زار الشيخ عبد الغني النابلسي مقامه ويذكر انه ليس فيه خطيب ولا امام ، وفيه مسجد محول الى تكية وان طول القبر نحو اربعين ذراعا وعرضه «يبلغ باعا وباعا» حلة الذهب الابريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز ، ص ٦٧ ـ ٦٨.
(٢) وردت في نسخة برنستون «منزل».
(٣) «تعالى» ساقطة في نسخة برنستون.
(٤) جاءت «قيس» في كلا النسختين والأرجح انها «قوس».