وقد حكى أبو معشر
المنجم في كتابه المترجم بالمدخل الكبير إلى علم النجوم ما ذكرنا من اضطراب هذه
البحار وهدوءها عند كون الشمس فيما ذكرنا من البروج ، وليس يكاد يقطع من عمان بحر
الهند في تير ماه الا مركب مغرر حمولته يسيرة ، وتسمى هذه المراكب بعمان اذا قطعت
إلى أرض الهند في هذا الوقت التير ماهية ، وذلك ان بلاد الهند وبحر الهند يكون في
اليسارة وهو الشتاء ودوام المطر في كانون ، وكانون وشباط عندنا صيف وعندهم شتاء ،
كما يكون عندنا الحر في حزيران وتموز وآب فشتاؤنا ، صيفهم وصيفهم شتاؤنا وكذلك
سائر مدن الهند والسند وما اتصل بذلك إلى أقاصي هذا البحر ، ومن شتى في صيفنا بأرض
الهند قيل فلان يسر بأرض الهند أي شتا هنالك ، وذلك لقرب الشمس وبعدها.
والغوص على اللؤلؤ
في بحر فارس انما يكون في أول نيسان إلى آخر أيلول وما عدا ذلك من شهور السنة فلا
غوص فيها ، وقد أتينا فيما سلف من كتبنا على سائر مواضع الغوص في هذا البحر ، إذ
كان ما عداه من البحار لا لؤلؤ فيه وهو خاص للبحر الحبشي من بلاد خارك وقطر وعمان
وسرنديب وغيرها من هذا البحر ، وذكرنا كيفية تكون اللؤلؤ وتنازع الناس في ذلك ،
ومن ذهب منهم إلى أن ذلك من المطر ، ومن ذهب منهم إلى أن ذلك من غيره ، وسفه صدف
اللؤلؤ العتيق منه والحديث المسمى بالمحار والمعروف بالبلبل ، واللحم الذي في
الصدف والشحم وهو حيوان يفزع على ما فيه من اللؤلؤ والدر من الغاصة كخوف المرأة
على ولدها ، وقد أتينا على ذكر كيفية الغوص ، وأن الغاصة لا يكادون