الوالد بهذين البيتين مشيرا إلى سوء أخلاقهم وهما لابن بسام (١) :
لقد صبرت على المكروه أسمعه |
|
من معشر فيك لولا أنت ما نطقوا |
وفيك داريت قوما لا خلاق لهم |
|
لولاك ما كنت أدري أنّهم خلقوا |
فبلغني أنه أعجب باستشهادي بهما. ولله درّ القائل (٢) :
وما غربة الإنسان في شقّة النّوى |
|
ولكنّها والله في عدم الشّكل (٣) |
وإنّي غريب بين بست وأهلها |
|
وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي |
وقد مسخ هذين البيتين السيد الحسن بن شدقم الحسيني فقال (٤) :
وليس غريبا من نأى عن دياره |
|
إذا كان ذا مال وينسب للفضل |
وإنّي غريب بين سكّان طيبة |
|
وإن كنت ذا مال وعلم وفي أهلي |
وليس ذهاب الرّوح يوما منيّة |
|
ولكن ذهاب الرّوح في عدم الشّكل |
وكنت أعاشرهم معاشرة مداراة لا مماراة ، ومحاسنة لا مخاشنة ، والحال معهم كما قال أبو الفتح البستي (*) :
يقولون لي عاشرتنا ووصلتنا |
|
وهيهات أين القوم منّي ومن جنسي |
وكيف وصالي فرقة فرق بينهم |
|
وبيني كفرق الجنّ من فرق الأنس |
ومن كلام أمير المؤمنين علي (ع) : من سالم الناس سلم منهم ، ومن حارب الناس وحاربوه فإن العزّة للكاثر.
وكان يقال : العاقل خادم الأحمق أبدا ، إن كان فوقه لم يجد من مداراته والتقرب إليه بدّا ، وإن كان دونه لم يجد من احتماله واستكشاف سرّه بدّا.
__________________
(١) هو علي بن محمد بن بسام البغدادي المتوفى سنة ٣٠٢ ه (أنوار الربيع ٢ / ٣٧٢).
(٢) الشعر لأبي سليمان الخطابي (حمد بن محمد) المتوفى سنة ٣٨٨ ه (معجم المؤلفين ٤ / ٧٤)
(٣) في يتيمة الدهر ٤ / ٣٣٥ (وما غمة الإنسان).
(٤) السيد حسن بن شدقم الحسيني المدني ، هاجر إلى الهند ولقي حظوة عند أحد ملوكها وبها توفي سنة ١٠٤٦ ه (نفحة الريحانة ٤ / ٣٢٧).