سبع وتسعين وخمسمائة فكان آخر من ولي منهم مكثر بن عيسى بن فليتة (١) فغلب عليه الأمير أبو عزيز قتادة بن ادريس بن مطاعن (٢) وقتله في السنة المذكورة ، وملك الحجاز سيفا وطرد عنها الهواشم ، والإمارة في ولده إلى الآن ، ويقال لهم القتادات ، وأمير مكة في زمننا هذا السيد الشريف ، والأيّد المنيف ، المصدّر في دست العظمة والجلالة ، والمتفرّع من دوحة النبوّة والرسالة ذو الرياسة التي هي نار على علم ، والسياسة التي جمع بها بين السيف والقلم ، محيي آثار أسلافه الكرام ، وواسطة ذلك العقد والنظام :
السيد الشريف زيد بن المحسن بن الحسين ، أقرّ الله ببلوغ مراده النفس والعين. وليها وهي جمرة تخترم ، ونار تضطرم ، فأخمد نيرانها ، وأمن جيرانها. وكانت ولايته سنة إحدى وأربعين وألف ، وله من العمر سبع وعشرون سنة. وقد أرّخ القاضي الفاضل ، والإمام النحرير الكامل تاج الدين بن أحمد المالكي (٣) ولادته ب (تاج الشرف) ، وولايته المنيفة ب (صدر الخلافة) ولعمري أنّه التاج المكلّل بلآلئ المجد والشرافة ، والصدر الذي امتلأ علما وحزما ، وبأسا ورأفة ، وفيه يقول :
مدائح زيد تكسب القول رونقا |
|
فيسمو على زهر الكواكب والزّهر |
مليك به أقطار مكّة أصبحت |
|
مؤرّجة الأرجاء نافحة العطر |
نمت في رياض الملك سرحة فرعه |
|
وأفضى إليه ملك آبائه الغرّ |
فمن ذا يوفّي قدره حقّ حمده |
|
وأوصافه جلّت عن العدّو الحصر |
وحسبي هذا القول في كنه مدحه |
|
عن البسط في النّظم المهذّب والنّثر |
__________________
(١) رآه الرحالة ابن جبير وأورد اسمه في عدة مواطن من رحلته ، يراجع فهرس الرحلة طبع دار صادر ببيروت.
(٢) قتادة بن ادريس : هو أيضا من أولاد موسى الجون الحسني ، كانت ولايته لمكة سنة ٥٩٨ ه ودامت إلى أن توفي سنة ٦١٧ ه أو ٦١٨ (شفاء الغرام ٢ / ١٩٩).
(٣) توفي القاضي تاج الدين المالكي سنة ١٠٦٦ ه (أنوار الربيع ١ / ٥١) ويراجع كتاب نفحة الريحانة ٥ / ٣٥٠ (الفهرس).