مطالعه. حتى سئمت
الفضائل أهلها ، وحمد من الأراذل جهلها ، فشكا كلّ أديب من دهره ، وبكى كلّ أريب
من رعاع عصره.
هذا زمان ليس
فيه
|
|
سوى النّذالة
والجهاله
|
لم يرق فيه صاعد
|
|
إلّا وسلّمه
النّذاله
|
ثم هذا ليس إشارة
إلى هذا الزمن العديم ، بل العلّة عاديّة ، والبلاء قديم حتى قيل : ما فسد الناس ،
وإنّما اطّرد القياس ، ولا اظلمّت الأيّام وإنّما امتدّ الظلام ، وهل يفسد الشيء
إلّا عن صلاح ، ويمسي المرء إلّا عن إصباح ، وقديما ما بثّت الأفاضل خطوب الدهر
ونكوب الزمن ، ونثت من أهوال أحوالها بخس الحظ ووكس الثمن ، وكم جدّت بجدودها
العواثر في هذه الدنيا لنيل العلياء ، فضربت شرقا وغربا ، وأوغلت بعدا وقربا ، فلم
تحصل على طائل ، وما أشبه الأواخر بالأوائل.
وإذا السّعي لم
يلاحظ بسعد
|
|
فالتماس المنى
من الحرمان
|
وهيهات مع شرف
العلم عزّ المال ، ومع حرفة الأدب بلوغ الآمال ، ولا سيما من انتمى إلى بيت
النبوّة ، وارتدى مع ذلك رداء صيت الفتوّة ، فإنّ الدهر أشدّ حقدا عليه ، وأسرع
نهدا إليه.
نحن بني المصطفى
ذوو محن
|
|
يجرعها في
الحياة كاظمنا
|
عجيبة في الأنام
محنتنا
|
|
أوّلنا مبتلى
وخاتمنا
|
هذا وإنّي منذ كبر
عن الطوق عمري ، وارتفع عن منافثة الأتراب عمري ، لم أزل أصابح وأماسي ما
يهدّ أيسره الرواسي ، وأكابد وأقاسي ما يليّن أهونه القواسي. أسوق من دهر قصصا ،
وأسيغ من غمر غصصا.
__________________