الشمس وانعصر
الصفو منها استحال الباقي إلى ملوحة ومرارة.
ومنهم من رأى أنّ
البحار عرق تعرقه الأرض لما ينالها من احتراق الشمس لاتصال دورها.
ومنهم من رأى أنّ
البحر هو ما بقي مما صفّته الأرض (من الرطوبة الثانية ). وقيل غير ذلك.
وهو خلاف لا ثمرة
فيه. وذكر أنّ الله تعالى لما أمر نوحا (ع) بركوب السفينة (وغرق الأرض ) خمسة أشهر ، ثم أمر الأرض أن تبلع الماء ، والسماء أن
تقلع ، واستوت على الجودى ، أسرع بعض الأرض إلى بلع الماء عندما أمرت ، وبعضها لم
يسرع. فمن أطاع كان ماؤه عذبا إذا احتفر ، وما تأخّر أعقبه الله بماء ملح. وما
تخلّف من الماء الذي امتنعت الأرض من بلعه صار إلى قعور مواضع من الأرض ، فمن ذلك البحار وهي بقية ماء
غضب أهلك به أمم. كذا نقله المسعودي في أول كتابه.
وهذا إن صح في
الأثر فلا كلام ، وإلّا فقضيته أنّ البحار لم تتكون قبل زمان نوح (ع) وفيه نظر
ظاهر لمن تتبّع الأثر.
وذكر صاحب المنطق
: أنّ مواضع البرّ ليست هي أبدا برّا ، ولا مواضع البحر أبدا بحرا بل قد تكون برا
حيث كان مرة بحرا ، وتكون بحرا حيث كان مرة برا ، وعلّة ذلك الأنهار وبدؤها ، فإن
لمواضع الأنهار شبابا وهرما ، وحياة وموتا ونشورا كما يكون ذلك في الحيوان ، إلّا
أنّ الشباب والكبر في الحيوان لا يكون جزءا بعد جزء ، بل تشبّ وتكبر أجزاؤها معا ،
وكذلك تهرم وتموت في وقت واحد. فأما الأرض فإنها تهرم وتكبر جزءا بعد جزء وذلك
بدوران الشمس. وقد اختلف في علة المدّ والجزر اختلافا طويلا لا حاجة بنا إلى
التطويل بذكره.
وأمّا عجائب البحر
فلا تدخل تحت الحصر ، ويكفي في ذلك الحديث :
__________________