واتفقت له وقعة بالساحل مع الفرنج انتصر فيها ، فكتب في جملة كتاب : كتب هذه الخدمة يعلمه بما منّ الله تعالى به من النصر والظفر ومهنيئة ، باستعلاء الفئة المؤمنة على من حاد وكفر.
ومن كتاب آخر كتب حيث أثرت مدادها ، بمثار نقع جيادها ، وبالمكان الذي صرعت فيه كماة أمجادها ، بضرب صفاحها ، وطعن صعادها ، وكلمتهم ألسن الصفاح بفصيح أقوالها ، وأشارت إليهم أنامل الرماح بسلاميات نصالها ، فأصبحوا شارة لما أشار إليهم آنفا ، وامتطوا أنف الحرب حتى صار أنف الخطي بهم راعفا ...
... ولما ملك الملك الصالح الديار المصرية ، وحصل بينه وبين الملك الناصر داود من الوحشة ما ذكرنا ، ورجع الملك الناصر إلى بلاده وأقام بالساحل مرابطا للفرنج ، وقوي بسبب الخلف بين الملوك شأن العدو ، واهتموا في عمارة عسقلان ، وتشييد أسوارها ، وشن الغارات على ما حولها ، كتب الملك الناصر إلى ابن عمه الملك الصالح نجم الدين يستنجد به عليهم ، فلم ينجده وجمعت الفرنج جمعا كثيرا ، وقصدوا نابلس فهجموها ، وبذلوا السيف في أهلها وأسروا من وجدوه بها من النساء والولدان ، وأقاموا بها ثلاثة أيام يسفكون وينهبون ، ونصبوا على المساجد صلبانهم ، وأعلنوا بكفرهم ومن سلم من أهلها تعلق برؤوس الجبال ، وبلغ الملك الناصر ذلك فقدم مسرعا في عسكره ، فلما تحققت الفرنج إقباله رجعوا إلى حصونهم ، وقد فازوا بما استولوا عليه من القتل والأسر والنهب ، فكتب الملك الناصر إلى الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمهالله ، وكان الملك الصالح نجم الدين قد قلده بمصر القضاء والخطابة كتابا مضمونه : أحسن الله عزاء المجلس السامي القضوي العزي في مصابه بالمسلمين ، وصبرنا وإياه على ما دهمت به حوزة الدين ، وأثاب الذين استشهدوا بما وعد به الشهداء من رضوانه ، وعوضهم عن منازلهم بمنازل الأمن من قصور جنانه ، وسامحنا وإياه بما