وفي بكرة يوم الاثنين سابع عشره جهز الأمير علم الدين الحلبي قطعة جيدة من الجيش المصري تقارب ثلاثة آلاف فارس في طلب شمس الدين سنقر الأشقر ، ومن معه من الأمراء والجند.
وفي هذا اليوم ركب قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان للسلام على الأمير علم الدين الحلبي ، فقبض عليه واعتقله بعلو الخانكاة النجيبية ، وفي يوم الخميس العشرين منه صرفه عن قضاء الشام كله ، وتقدم إلى القاضي نجم الدين محمد بن سني الدولة ، وكان قدم من حلب بمباشرة الحكم بدمشق فباشره.
وفي يوم الخميس سابع عشرين منه عادت الأجوبة من الملك المنصور فجلس الأمير علم الدين الحلبي في دهليز ضرب له بالميدان الأخضر الصغير ، وحضر عنده الأمراء ، والأعيان من عسكر الشام ومصر ، وأعيان الناس ، وقرىء عليهم كتاب الملك المنصور ، ومضمونه : «التهنئة للإسلام بدفع هذا الضرر ، والعتب على كل طائفة بما يليق بهم» ، وفي آخره : «وإنا قد عفونا عن جميع الناس الخاص والعام ، أرباب السيف والقلم ، ولم نؤاخذ أحدا منهم ، وأمناهم على أنفسهم وأهلهم وأموالهم ، ورسمنا أن لا نغير على أحد منهم وظيفته إلا إن ورد في حقه تخصيص». فارتفعت الأصوات بالدعاء وانصرف الناس مسرورين.
وفي أوائل ربيع الأول ترتب في نيابة السلطنة بالشام الأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري ، ودخل دار السعادة ودخل معه الأمير علم الدين الحلبي ورتبه بها ، وفي خدمته سائر أمراء مصر ، والشام ، وهذا الأمير حسام الدين كان الملك المنصور سيره إلى دمشق أميرا ، ونائبا لقلعتها في أواخر السنة الخالية ، فبقي بالقلعة مدة يسيرة ، وجرى ما جرى من سلطنة شمس الدين سنقر الأشقر واعتقله ، وبقي في الاعتقال إلى أن حضر الأمير علم الدين الحلبي ، واستولى على المدينة والقلعة ، فأفرج عنه وبقي في خدمته إلى أن ورد المرسوم بمباشرته نيابة