مهذب الدين في أن يدخل قيصارية ليخرج أثقاله فأذنوا له فدخل وحمل أثقاله وخزينته وخرج منها ليلا وسار سيف الدين وشرف الدين والسلطان غياث الدين إلى بكيدة وقرروا مع رسلهم أن يحثوا الملك على المسير إليهم بعد أن يستحلفوه على ما تقرر ، فلما وصلوا إلى الملك الظاهر ، واجتمعوا به في حمص وأخبروه بما جرى وحثوه على المسير ، قال : أنتم استعجلتم في المباينة فإني كنت قد وعدت معين الدين قبل توجهه إلى الأردو في أواخر هذه السنة أطأ البلاد بعساكري ، فإنها بمصر ، وما يمكنني أن ادخل البلاد بمن معي الآن لقلتهم ، وأما انفصال مهذب الدين إلى دوقات فنعم ما فعل ، فإنه كان مطلعا على ما بيني وبين والده.
ثم أنزلهم وأكرمهم وطلب ضياء الدين أن يجتمع بالسلطان خلوة فأجابه ، فلما اجتمع به قال : ليتني لم أتقصد البلاد في هذا الوقت ، لم آمن على أخي أن يقتل ، ومن معه من الأمراء الذين خلفوا ، وإن كان لابد من تصبرك فابعث إلى البلاد من فيه قوة من عسكرك حتى يكونوا ردءا للسلطان غياث الدين ولأخي فيتمكنوا من الخروج من البلاد ، فقال : أرى من المصلحة أن ترجعوا إلى بلادكم ، وتحصنوا قلاعكم وتحتموا بها على أن أرجع إلى مصر وأربع خيلي ، وأعود في زمن الشتاء ، فإن آبار الشام في هذا الوقت قد غارت ، ثم استصحبهم معه إلى حلب في العشرين من صفر ، ولما مر بحماة استصحب صاحبها ، ووصل إلى حلب في الخامس والعشرين من صفر ، وجهز الأمير سيف الدين بلبان الزيني في عسكره ، وبعث به إلى الروم ليحضر السلطان غياث الدين ، وشرف الدين ابن الخطير ، وسيف الدين طرنطاي ، وبقية من حلف من الأمراء ، فلما وصل كينوك ـ وهي الحدث الحمراء ـ وردت القصاد إليه بعود البرواناة إلى الروم في خدمة منكوتمر ، وإخوته في ثلاثين ألف فارس والأمراء ، راجعا إلى تتاوون ، فكتب إلى الملك الظاهر يعرفه بذلك ، فظن