بويع بعد قتل أمير المؤمنين رضياللهعنه إلى أن نزع نفسه ، وبايع معاوية رضياللهعنه سبعة شهور وأحد عشر يوما ، وقيل غير ذلك.
ولما كان يوم الجمعة ركب من البرج الذي كان مقيما به في القلعة وعليه ثياب سود إلى الجامع بالقلعة للصلاة ، فصعد المنبر وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس ، ثم استفتح وقرأ سورة الأنعام حتى بلغ قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(١) ثم صلى على النبي صلىاللهعليهوسلم وسلم وترضى عن الصحابة رضياللهعنهم ، ودعا للسلطان ، ثم نزل وصلى بالناس.
وفي مستهل شعبان تقدم الخليفة بتفصيل خلعة سوداء ، وبعمل الطوق وقيد من ذهب ، وبكتب تقليد السلطنة للملك الظاهر ، ونصب خيمة ظاهر القاهرة ، فلما كان يوم الاثنين رابعه ركب الخليفة والسلطان والوزير ، ووجوه الدولة والأمراء ، والقضاة والشهود إلى الخيمة ، فألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده ، وطوقه وقيده ، وصعد فخر الدين إبراهيم بن لقمان رئيس الكتاب منبرا نصب له ، فقرأ التقليد ، وهو من إنشائه وبخطه ، ثم ركب السلطان بالخلعة والطوق ، والقيد ، ودخل من باب النصر وشق القاهرة ، وقد زينت له ، وحمل الصاحب بهاء الدين التقليد على رأسه راكبا ، والأمراء يمشون بين يديه وكان يوما يقصر اللسان عن وصفه.
نسخة التقليد
الحمد لله الذي أضفى على الاسلام ملابس الشرف ، وأظهر بهجة درره ، وكانت خافية بما استحكم عليها من الصدف ، وشيد ما وهى من علائه حتى أنسى ذكر من سلف ، وقيض لنصره ملوكا اتفق عليهم من اختلف ، أحمده على نعمه التي رتعت الأعين منها في الروض الأنف ، وألطافه التي وقف الشكر عليها فليس له عنها منصرف ، وأشهد أن
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ـ الآية : ١٠٢.