وكان العزيز قد رغب في الجند الذين يعملون السلاح مثل الناشب والرامح ، وجمع الجمع الكثير وأخرجهم إلى حرب ألفتكين وجرى من أمره ما ذكر في موضعه.
فلما كان في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وقعت الوحشة بين سعد الدولة أبي المعالي ابن سيف الدولة بن حمدان صاحب حلب ، وبين بكجور ، وراسله بأن يخرج من بلده (١) فكتب بكجور إلى العزيز يسأله إنجاز الوعد بولاية دمشق ، ودعت الحاجة إلى عود القائد بلتكين مقدم العسكر المصري بحكم اعتزام المغاربة على الوثوب بالوزير ابن كلس وقتله ، وقادت الضرورة العزيز إلى أن ولى بكجور دمشق ، وكتب إلى بلتكين ومنشا كاتب الجيش بأن يسلم البلد إلى بكجور ويرحل عنه ، وقد ، كان كتب أيضا كتابا إلى العزيز «أن أنفذ إلي عسكرا لآخذ حلب» ، وأطمعه في ذلك ، فأنفذ إليه بعض عسكر دمشق فسار بهم ونزل على حلب وحصرها مدة يسيرة ، فظهر دمستق الروم بارديس ونزل على أنطاكية وعزم على كبس بكجور ، على حلب ، فكتب إليه ابن جراح يحذره فرحل عن حلب ، وتبعه عسكر الروم في إثره وتم بكجور ونزل على حمص وحمل ما كان له إلى بعلبك ، ونزل في جوسيه (٢) في جمع عظيم ، ونزل الروم (٣) ميماس حمص ، ولم يعرض للبلد ودخل المدينة وشاهد (٢٢ ظ) الكنيسة ورحل عنها متوجها إلى البقيعة (٤) يريد طرابلس ، وأنفذ إلى أهل حمص رسولا يقول لهم : نريد مالا يحمل إلينا ، فقالوا : هذا بلد خراب ليس فيه مال ، فرجع ونزل عليها وقال لأهلها : من خرج من البلد فهو آمن ، فخرج قوم وأقام قوم فدخل عسكره فنهب وسبى وأحرق الجامع ومواضع من البلد ، وتحصن قوم بالمغاير ،
__________________
(١) انظر زبدة الحلب : ١ / ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٢) معروفة باسمها هذا حتى الآن عند ملتقى الحدود السورية مع شمال لبنان.
(٣) معروف حتى الآن بهذا الاسم فيه أجمل حدائق ومنتزهات ضواحي حمص.
(٤) في لبنان على طريق طرابلس تحمل الاسم نفسه حتى الآن.