بل ينفعني ، ففرق البلاد ، وأعتق المماليك ، ووقف دار فرخشاه التي يقال
لها دار السعادة ، وبستان النيرب على ابنته ، وأوصى لها بجميع الجواهر.
ذكر ما جرى بعد وفاته
لما انقضى عزاؤه ركب أخوه الملك الصالح إسماعيل ركوب السلطنة ، وترجل الناس في ركابه ، وصاحب حمص إلى جانيه ، وعز الدين أيبك قدامه بالغاشية ، وعاد أسد الدين إلى حمص ، وعز الدين إلى صرخد ، وجاءت نجدة حلب ، ووصلت الأخبار بوصول التتر إلى دقوقا ، وصادر إسماعيل الصالح جماعة من دمشق إتهمهم بالكامل ، منهم : العلم تعاسيف وأولاد ابن مزهر ، وابن عريف البدري ، وأخذ جميع مالهم ، وحبس أولاد مزهر ببصرى ، فأقاما مدة سنين ، ومات أحدهما في الحبس مقيدين ، وأخرج إسماعيل على الحريري من قلعة عزتا ، ومنعه من دخول دمشق ، وجاء عسكر الكامل إلى قريب من دمشق ، فقسم الأبراج على الأمراء وحصنها ، وغلقت أبوابها ، ووصل عز الدين أيبك من صرخد ، وأمر بفتح أبوابها ففتحت ، وجاء الناصر داود ، فنزل المزة ، ونزل مجير الدين وتقي الدين القابون ، وأحدق العسكر بالبلد ، وجاء الكامل فنزل عند مشهد القدم ، وقطع المياه عن دمشق ، واشتد الحصار ، وغلت الأسعار ونصبوا على الأبواب المناجيق ، وسدوا الأبواب بمرة إلّا : باب الفرج ، وباب النصر ، ورد الكامل ماء بردى إلى ثورا ، وأخرب الصالح العقيبة ، والطواحين خرابا شنيعا ، وزحف الناصر إلى باب توما ، وعلق النقوب فيه ، ولم يبق إلا فتح البلد ، ثم تأخر إلى أرض برزة ، وأحرق الصالح الشاغور ، وبدع بظاهر المدينة ، وأخربه خرابا لم يعهد مثله ، وأصبح أهل هذه الأماكن على الطرق يكدون ، واحترق جماعة في دورهم.
وحكي لي أن الصالح أو ابنه وقف على العقيبة ، وقال للزراقين : احرقوها ، فضربوها بالنار ، وكان لرجل عشر بنات ، فقال لهن : اخرجن ،