يوم الاثنين زلزلة هائلة ، وتلا ذلك في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر رمضان في الثلث الأول منها زلزلة عظيمة مزعجة ، وفي غداة يوم الأحد ثاني شوال من السنة تالي ما تقدم ذكره ، وافت زلزلة أعظم مما تقدم ، روعت الناس وأزعجتهم وفي يوم الخميس سابع شوال المذكور ، وافت زلزلة هائلة ، في وقت صلاة الغداة ، وفي يوم الأحد الثالث عشر منه ، وافت زلزلة هائلة ، في وقت صلاة الغداة ، وفي يوم الاثنين تلوه وافت زلزلة أخرى مثلها ، ثم أخرى بعدها دونها ، ثم ثالثة ، ثم رابعة ، وفي ليلة الأحد الثاني والعشرين من شوال ، وافت زلزلة عظيمة روعت النفوس ، ثم وافى عقيب ذاك ما أهمل ذكره لكثرته ، ودفع الله تعالى عن دمشق ، وضواحيها ما خاف أهلها من توالي ذلك وتتابعه ، برأفته بهم ، ورحمته لهم ، فله الحمد والشكر ، لكن وردت الأخبار من ناحية حلب بكثرة ذلك فيها ، وانهدام بعض مساكنها ، إلا شيزر فإن الكثير من مساكنها انهدم على سكانها ، بحيث قتل منهم العدد الكثير ، وأما كفر طاب فهرب أهلها منها خوفا على أرواحهم ، وأما حماة فكانت كذلك ، وأما باقي الأعمال الشامية فما عرف ما حدث فيها من هذه القدرة الباهرة (١).
وفي يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وصل المولى الملك نور الدين أعز الله نصره إلى بلده دمشق ، عائدا من ناحية حلب وأعمال الشام بعد تهذيبها وتفقد أحوالها سالما في النفس والجملة ، بعد استقرار الموادعة بينه وبين ولد السلطان مسعود صاحب قونية (١٨١ ظ) وزوال ما كان حدث بينهما.
وفي شوال تقررت الموادعة والمهادنة بينه وبين ملك الأفرنج مدة سنة كاملة أولها شعبان ، وأن المقاطعة المحمولة إليهم من دمشق ثمانية آلاف دينار صورية ، وكتبت المواصفة بذلك بعد تأكيدها بالأيمان بالمواثيق المشددة ، وكان المعروف بأبي سالم بن همام الحلبي قد ولي مشارفة الديوان
__________________
(١) لمزيد من التفاصيل ، انظر الروضتين : ١ / ١٠٣ ـ ١٠٥.