في قلعة حلب أسيرا ، توجه في عسكره إلى اعزاز بلد ابن جوسلين ، ونزل عليها ، وضايقها وواظب قتالها ، إلى أن سهل الله تعالى ملكتها بالأمان ، وهي على غاية من الحصانة والمنعة والرفعة ، فلما تسلمها رتب فيها من ثقاته من وثق به ، ورحل (١٦٨ ظ) عنها ظافرا مسرورا ، عائدا إلى حلب ، في أيام من شهر ربيع الأول من السنة.
وورد الخبر بعد المضايقة والمحاربة عن تل باشر ، في يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر برحيل الملك مسعود ، ووصل أكثر حماتها ، لأسباب أوجبت ذاك ودعت إليه ، وكان مجاهد الدين بزان قد توجه إلى حصنه صرخد ، لتفقد أمواله ، وترتيب أحواله وأحوال ولده النائب عنه في حفظه ، وتقرير أموره ، وعرضت بعده نفرة بين مجير الدين والرئيس بسعايات أصحاب الأغراض والفساد ، واقتضت الحال استدعاء مجاهد الدين لإصلاح الحال ، فوصل وتم ذلك بوساطته على شرط إبعاد الحاجب يوسف ، حاجب مجير الدين ، عن البلد مع أصحابه ، وتوجهوا ، ولم يعرض لشيء من أموالهم ، وقصد بعلبك فأكرمه عطاء واليها.
وقد كانت الأخبار متناصرة من ناحية مصر بالخلف المستمر بين وزيرها ابن مصال ، وبين الأمير المظفر بن سلار ، وجميع العسكرية ، ووقوع الحرب منهم ، وسفك الدماء إلى أن أسفرت عن قتل ابن مصال الوزير ، وظفر ابن سلار به ، وغلبته على الأمر ، وانتصابه في الوزارة ، وسعى في الصلاح وترتيب الأجناد ، وإطلاق واجباتهم ، وهدأت النائرة (١) وسكنت الفتنة الثائرة (٢).
وورد الخبر بوصول منكوبرس (٣) في جماعة من الأتراك والتركمان إلى ناحية حوران ، واجتماعه مع الأمير سرخاك والي بصرى على العيث
__________________
(١) أي الفتنة والشغب.
(٢) انظر اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٨ حيث أوفى التفاصيل.
(٣) لم يذكره غير ابن القلانسي حتى يمكن التعريف به.