وخمسمائة (١)] بمرض حاد عرض له ، فأضعفه وقضى فيه نحبه ، وكان على الطريقة المرضية ، والخلال الرضية ، ووفور العلم وحسن الوعظ ، وقوة الدين ، والتنزه مما يقدح في أفعال غيره من المتفقهين ، وكان يوم دفنه يوما مشهورا من كثرة المشيعين له ، والباكين حوله ، والمؤبنين لأفعاله ، والمتأسفين عليه.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ناحية العراق ، بالوقعة الهائلة بين السلطان الأعظم شاهنشاه المعظم معز الدنيا والدين أبي الحارث (٢) سنجر بن ملك شاه سلطان الشرق ، وبين كافر ترك الواصل من ناحية الصين عند ما وراء النهر ، وكان في عسكر لا يحصى عددا ، وقصده السلطان سنجر في عسكر يناهزه ، والتقى الجمعان فظهر عسكر كافر ترك على عسكر السلطان سنجر فكسره وهزمه ، وقتل أكثره إلا اليسير ممن حماه أجله ، واشتمل على ما حواه من الأموال والحرم والكراع والسواد ، وهو شيء لا يحيط به وصف فيوصف ويحصر ، ولا يدركه نعت فيذكر ، وعاد السلطان منهزما إلى بلخ (٣).
وفيها ورد الخبر بوفاة ضياء الدين أبي سعيد بن الكفرتوثي ، وزير الأمير عماد الدين أتابك في خامس من شعبان ، وكان على ما حكي عنه حسن الطريقة ، جميل الفعل ، كريم النفس ، مرضي السياسة ، مشهور النفاسة والرياسة.
__________________
(١) فراغ في الأصل تم تداركه من كتاب ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي.
ط. القاهرة : ١٩٥٢ : ١ / ١٩٨ ـ ٢٠١ ، وقد نقل ابن رجب عن ابن القلانسي.
(٢) في الأصل «السلطان المعظم ناصر الدين الله» والتصحيف واضح على العبارة مع بعض السقط ، وقد تم تقويم ذلك اعتمادا على تاريخ دولة آل سلجوق : ١١٥. راحة الصدور وآية السرور : ٢٥٥.
(٣) ارتبط هذا الصراع بين سنجر وخان الخطا بمحاولات سنجر بسط سيطرته على واحة خوارزم ، وقد علق سبط ابن الجوزي على هزيمة سنجر هذه بقوله :
«أخذ الله للمسترشد بالثأر وأحل به الهلاك والبوار ، إن في ذلك عبرة لأولي الأبصار». انظر الكامل لابن الأثير : ٩ / ٥٠٢. راحة الصدور : ٢٦٢. مرآة الزمان : ١ / ١٨٠.