أسامة بن المبارك ، وصانعه على مصالحة قام بها ، وأطلقه ، وأقام مرى على حاله ، وتردد فيه خطاب ، انتهى آخره إلى قتله ، وهذا مكافأة ما أسلفه من قبيح الأفعال ، ومذموم الأعمال ، والظلم الذي ارتكبه في سائر الأحوال.
ولما عاد شمس الملوك من ناحية بعلبك ، بعد المقرر بينه وبين أخيه صاحبها ، مما تقدم ذكره وشرحه ، انتهى إليه من ناحية الإفرنج ما هم عليه من فساد النية والعزم على نقض الموادعة المستقرة ، وشكا إليه بعض التجار الدمشقيين أن صاحب بيروت ، قد أخذ منهم عدة أحمال كتان ، قيمتها جملة وافرة من المال ، فكتب إلى مقدم الأفرنج في رد ذلك على أربابه وإعادته على من هو أولى به ، وترددت المكاتبات في ذلك ، فلم تسفر عن نيل مراد ، ولا نيل طلاب ، فحمله الغيظ والحنق على مقابلة هذا الفعل بمثله ، وأسر ذلك في نفسه ، ولم يبده لأحد من خاصته وثقات بطانته ، وصرف همه وعزمه إلى التأهب لمنازلة بانياس (١٣٠ و) وانتزاعها من أيدي الملاعين المتغلبين عليها ، ونهض إليها في أواخر المحرم من السنة ، ونزل عليها في يوم الأحد غرة صفر منها ، وزحف في عسكر إليها ، وفيها جماعة وافرة من الخيالة والرجالة ، فارتاعوا لما أتاهم فجأة ، وذلوا وانخذلوا ، وقرب من سورهم بالدرق الجفتيات والخراسانيين والنقابين ، وترجل عن جواده ، وترجل الأتراك بأسرهم لترجله ، ورشقوا من على السور بالنشاب ، فاستتروا ولم يبق أحد يظهر برأسه عليه لكثرة الرماة ، وألزق الجفتيات إلى مكان من السور استرقه فنقبوه إلى أن تمكنوا منه ، ثم هجموه ، وتكاثروا في البلد ، والتجأ من كان فيه من الأفرنج إلى القلعة والأبراج ، وتحصنوا بها ومانعوا عن نفوسهم فيها ، وملك البلد ، وفتح بابه ، وقتل كل من صودف فيه من الأفرنج وأسر ، ولما رأى من بالقلعة والأبراج من المنهزمين ما نزل بهم من تملك البلد ، والقصد لهم بالقتال ، ولا ناصر لهم ، ولا ممانع عنهم ، التمسوا الأمان ، فأجيبوا إليه ، ونزلوا ، فأسروا جميعا ، ونهب ما كان في البلد ، وقرر فيه من الرجال الأجلاد من