كبارا وصغارا ، منها تقدير ثلاثين مركبا حربية ، وحملوا في بعضها ما خف من أثقالهم ، ورحلوا في العاشر من شوال من السنة ، وكانت مدة إقامتهم على محاصرة صور أربعة أشهر ونصف شهر ، وقصدوا عكا وتفرقوا إلى أعمالهم.
وخرج أهل صور وغنموا ما ظفروا به منهم ، وعادت الأتراك المندوبون لإسعادهم إلى دمشق ، وقد فقد منهم في الحرب نحو عشرين رجلا ، وكان لهم فيها الجراية والواجب في كل شهر ، ولم يتم على برج من أبراج الأفرنج في القديم والحديث مثل ما تم على هذا البرج من إحراقه من رأسه إلى أسفله ، والذي أعان على هذا هو تساوي البرجين في الارتفاع ، ولو طال أحدهما على الآخر لهلك أقصرهما ، وكان عدد المفقودين من أهل صور أربعمائة نفس ، ومن الأفرنج في الحرب أيضا على ما حكى الحاكي العارف تقدير ألفي نفس ولم يف أهل صور بما كانوا بذلوه لظهير الدين أتابك من تسليم البلد إليه ، ولم يظهر لهم في ذلك قولا ، وقال : إنما فعلت ما فعلت لله تعالى ، وللمسلمين ، لا لرغبة (٩٩ و) في مال ولا مملكة ، فكثر الدعاء له ، والشكر بحسن فعله ، ووعدهم أنه متى دهمهم خطب مثل هذا سارع إليه ، وبالغ في المعونة عليه ، وعاد إلى دمشق بعد مكابدة المشقة في مقابلة الأفرنج ، إلى أن فرج الله عن أهل صور ، وشرع أهل صور في ترميم ما شعثه الأفرنج من سورها ، وأعادوا الخنادق إلى حالها ، ورسمها بعد طمها ، وحصنوا البلد ، وتفرق من كان فيه من الرجالة.
وفي الثاني من شعبان ورد الخبر بهلاك بدران بن صنجيل (١) صاحب طرابلس بعلة لحقته ، وأقام ابنه في الأمر من بعده ، وهو طفل صغير
__________________
(١) كذا في الأصل : بدران ، وهو تصحيف صوابه برتران ، انظر تاريخ طرابلس ١٤٦ ـ ١٤٩ ، ويلاحظ أن تعريب ابن القلانسي لأسماء قادة الصليبيين متفق على العموم مع القاعدة التي اعتمدها المؤرخون العرب.