فيها ، مذكورا بالظلم في أهلها ، وكان جماعة من أهلها قد جلوا عنها لأجل [ظلمه] المستمر عليهم ، واساءته إليهم ، فسرت النفوس بفقده ، وأمل من بعده الصلاح وقام مقامه ولده ، فكان أصلح منه سريرة ، وأحسن طريقة.
وفي هذه السنة خرج طنكري من أنطاكية في حشده ولفيفه المخذول ، إلى الثغور الشامية فملك طرسوس وما والاها ، وأخرج صاحب ملك الروم منها ، وعاد إلى أنطاكية ، ثم خرج إلى شيزر وقرر عليها عشرة آلاف دينار ، مقاطعة تحمل إليه بعد أن عاث في عملها ، ونزل على حصن (٩١ ظ) الأكراد فتسمله من أهلها وتوجه إلى عرقه ، وكان الملك بغدوين وابن صنجيل قد نزلا على ثغر بيروت برا وبحرا ، فعاد طنكري إلى أنطاكية ، وسار جوسلين صاحب تل باشر (١) إلى ثغر بيروت لمعاونة النازلين عليه من الأفرنج ، ويستنجد بهم على عسكر الأمير مودود النازلين على الرها ، وشرع الأفرنج في عمل البرج ، ونصبه على سور بيروت ، فحين نجز وزحفوا به كسر بحجارة المناجيق وأفسد ، فشرعوا في عمل غيره ، وعمل ابن صنجيل برجا آخر ، ووصل في الوقت من اسطول مصر في البحر تسعة عشر مركبا حربية ، فظهروا على مراكب الأفرنج وملكوا بعضها ، ودخلوا بالميرة إلى بيروت ، فقويت بها نفوس من فيها من الرعية ، وأنفذ الملك إلى السويدية يستنجد بمن فيها من الجنوية في مراكبهم ، فوصل منها إلى بيروت أربعون مركبا مشحنة بالمقاتلة ، فزحف الأفرنج في البر والبحر إليها بأسرهم في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شوال ، ونصبوا على السور برجين اشتدوا في القتال ، فقتل مقدم الاسطول المصري ، وخلق كثير من المسلمين ، ولم ير الأفرنج من ما تقدم وتأخر أشد من حرب هذا ، وانخذل الناس في البلد
__________________
(١) يعرف الآن باسم «تل باجر» وهو تابع اداريا لمنطقة جبل سمعان ، احدى مناطق محافظة حلب.