وحشة أوجبت عوده عن طريقه ، واعتمد على فخر الملك بن عمار ، ومن عول عليه من ثقاته في الإتمام إلى بغداد بما صحبه من التحف والهدايا ، والمناب عنه في إنهاء ما دعاه إلى العود من طريقه ، فوصل فخر الملك إلى بغداد بما صحبه ، فصادف من الابتهاج بمقدمه والتأسف على عود أتابك ، ولم يصل ويشاهد ما زاد على الأمل ، وظهور بطلان تلك الأراجيف بالمحال الذي لا حقيقة له ، وتواصلت الأجوبة عن ذلك بما سر النفوس ، وشرح الصدور والاعتذار من إشاعة المحال ، وأكاذيب الأخبار.
وقد كان ظهير الدين أتابك في عوده من وادي المياه ، قد اتصل به أن كمشتكين الخادم التاجي ، الوالي ببعلبك قد راسل الأفرنج بالتماس المصافاة منهم ، وبعثهم على شن الغارات على الأطراف ، وأنه قد سير أخاه بايتكين الخادم التاجي إلى السلطان ، للتوصل بالمحال إلى إفساد الحال ، فحين سمع ظهير الدين هذا الخبر ونفوذه ، ندب جماعة من العسكر ، وقرر معهم المصير إلى المسالك والطرقات التي لابد من عبوره فيها ، لمسكه وحمله إليه ، فلم يقف لبايتكين المذكور على خبر ، وسار ظهير الدين في العسكر من طريقه ، وكتب إلى تاج الملوك يأمره بالخروج في العسكر إلى بعلبك ، والنزول عليها ، فسارع إلى امتثال أمره ، وسار إليها ونزل عليها على غفلة من أهلها وغرة ممن بها ، ثم أرسل إلى الخادم المذكور يلتمس منه الدخول في الطاعة ، وتسليم الموضع إليه ، ويحذره من الاستمرار على المخالفة والعصيان ، ويخوفه الإقامة على ما يفضي إلى سفك الدماء ، وبالغ في الاعذار له والإنذار ، فلم يجب المراد والايثار ، وأصر على الخلف والانكار ، ووافى عقيب ذلك ظهير الدين في العسكر ، ومن جمعه من الرجالة ، وزحف إلى بعلبك مقاتلا لها ، ونصب عليها المناجيق ، وشرع في عمل آلة الحرب والنقوب لقصد الأماكن المستضعفة منها لانتهاز الفرصة فيها (٩١ و) وترامى إليه من أحداث أهلها وأجنادها جماعة أحسن إليهم ، وخلع عليهم ، وزحف إلى سورها ، وقاتل