نهضوا إلى هذه الأعمال ، وقتلوا فيها وسبوا ونهبوا ما قدروا عليه منها ، فلما وصل إليها وجد أهلها على غاية من الخوف ، وسوء الحال عما جرى عليهم من الأفرنج فأقام بها.
ونهض الأفرنج إليه لما عرفوا خبره من ناحية البرية ، ونزلوا بإزاء المكان الذي هو نازل به ، وأهملوه إلى أن وجدوا الفرصة فيه فكبسوه على غرة ، فانهزم في أكثر عسكره ، وهلك باقيه ، واستولوا على سواده ، ووصل إلى عين الكتيبة من ناحية حوران ، والعسكر الدمشقي نازل عليها ، فتلقاه ظهير الدين متوجعا بما جرى عليه ، ومسليا عما ذهب منه وعوضه ، وأطلق له ما صلحت به الحال.
سنة إحدى وخمسمائة
فيها جمع ملك الأفرنج بغدوين حزبه المفلول ، وعسكره المخذول ، وقصد ثغر صور ، ونزل بإزائه ، وشرع في عمارة حصن بظاهرها على تل المعشوقة ، وأقام شهرا ، وصانعه واليه على سبعة آلاف دينار ، فقبضها منه ورحل عنه.
وفيها وردت الأخبار بوصول عسكر السلطان غياث الدنيا والدين محمد إلى بغداد في آخر (٨٦ ظ) شهر ربيع الآخر منها ، وأعلن الأمير سيف الدولة صدقة بن مزيد العصيان عليه ، خوفا لما بلغه من إفساد شحنة بغداد ، (وعميدها حاله معه ، ولم يزل السلطان مقيما ببغداد (١)) إلى العشرين من رجب فاجتمع إليه تقدير ثلاثين ألف فارس ، واجتمع مع صدقة تقدير عشرين ألفا في الحلة ، وبينهما أنهار ومواحل في الحلة ، فآثر السلطان مراسلته في تقرير أمره ، والصفح [عنه](٢) وايقاع مهادنة وموادعة تستقيم معها الأحوال ، وتصلح بها الأعمال ، فأبى ذلك كافة
__________________
(١) سقط بالأصل استدرك من مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٠١ ـ حيث الرواية عن ابن القلانسي.
(٢) زيادة من مرآة الزمان.